مقال

صفات أهل الفلاح والفوز بالفردوس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صفات أهل الفلاح والفوز بالفردوس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 15 ديسمبر

الحمد لله العلي العظيم القاهر، الملك السلطان القادر، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، أحمده سبحانه على ما أولانا من بره وإحسانه المتظاهر، وأشكره وقد وعد بالمزيد للشاكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المؤيد بالآيات والمعجزات والبصائر، اللهم صلي على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد لننظر أن أولى صفات المؤمنين أو لأهل الإيمان الذين نالوا بها الفلاح والفوز بالفردوس الصلاة الخاشعة، فقال تعالى ” الذين هم فى صلاتهم خاشعون”فإن الصلاة هى تلك العبادة العظيمة التي هي صلة بين العبد وربه ولبّها الخشوع، وهو الخوف الموجب لتعظيم الله تعالى، والخشوع بهذا المعنى مطلوب داخل الصلاة وخارجها.

لكنه في الصلاة يكون أولى من غيرها لأنها وقوف بين يدي الله تعالى، وإن الخشوع عبادة قلبية تظهر آثارها على أعمال الجوارح، ففي الصلاة يحرص المؤمن الخاشع على إقامة الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، ويحرص على أن يكون حاضر القلب والذهن بين يدي ربه، واعيا متدبرا ما يقرأ أو يسمع، ويكون بذلك مستفيدا من الصلاة بعد ذلك، فقال تعالى فى سورة العنكبوت ” وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما يصنعون” ومما يعين المصلي على الخشوع في الصلاةن هو أن يستحضر أنه بين يدي ملك الملوك، وأن يستشعر أنها قد تكون آخر صلاة يصليها فليتقنها، وأن يبعد عن نفسه كل ما يشغله عنها من الشواغل الحسية والشواغل المعنوية.

ولهذا جاء نهي الشرع المصلي عن الإتيان إلى الصلاة مسرعا أو تاركا لطعام يشتهيه، أو حاقنا أو حاقباوهذا يعني حابسا للبول أو الغائط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا” وقال عليه الصلاة والسلام “لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان” ولقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه فإنها قمة العدل وقمة الرحمة، ويقول الإمام ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله ما علم على الإطلاق أن رجلا ختم له بسوء الخاتمة وقد استقام ظاهره مع باطنه، ولا يختم بسوء الخاتمة والعياذ بالله إلا لمن اختلف باطنه مع ظاهره.

فمن اختلف باطنه مع ظاهره فهو الذي يختم له بسوء الخاتمة، فيقول ابن رجب الحنبلي يقال للملك إذا ما ذهب ليقبض روح العبد شم رأسه، فيقول أجد في رأسه القرآن، فيقال للملك شم بطنه، فيقول أجد في بطنه رائحة الصيام، فيقال شم قدميه، فيقول أشم في قدميه رائحة القيام، فيقال عبد حفظ نفسه فحفظه مولاه، فاحفظ الله يحفظك؛ فحق على الله لمن اتقاه أن يحسن الله بدايته، وأن يتولى الله رعايته، وأن يحسن الله نهايته، فإن الأمر جد خطير، ولكنني لا أقنط أحدا فإن الأمر في غاية البساطة، حيث قال ابن رجب من استقام ظاهره مع باطنه ختم له بالإيمان، ومن ناقض ظاهره باطنه ختم له بسوء الخاتمة، وإن على مستوى الأمة، فإن هلاك الأمة بمعاصيها يكون.

فروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال لما فتحت قبرص، فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض، فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال ويحك ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى