مقال

حكاية مساجد غرناطة الأندلسية

جريدة الأضواء

حكاية مساجد غرناطة الأندلسية
بقلم د. نسمة سيف
اطردت أعداد المساجد بشكل كبير بالتوازى مع زيادة عدد السكان الذين بلغ تعدادهم فى غرناطة أواخر عهدها الإسلامى زهاء نصف مليون ، وهذا ما تؤيده المصادر المصادر الأخرى فإبن فضل الله العمرى الذى زار غرناطة فى هذه الفترة المتأخرة يذكر أن مساجدها ” لا تكاد تحصى لكثرتها ، وهو ما يؤكد عليه ابن الخطيب أيضًا ، بينما يعطينا الطبيب والرحالة الإلمانى منتز ( J .Munzer ) الذى زار غرناطة بعد سقوطها بعامين رقمًا معقولاً لتعداد المساجد فى هذه المدينة قبل تحويلها إلى كنائس أو هدمها وإزالتها ، فيذكر أن تعدادها قد تجاوز مائتى مسجد ، وهو رقم لا يباعد الحقيقة كثيرًا إذا وضعنا فى الاعتبار نمو هذه المدينة وتكاثر سكانها ، ففى حى واحد من أحيائها هو حى (البيازين ) قُدرت مساجده بأكثر من ثلاثين مسجدًا ، بالإضافة إلى ما يلحق بها من الزوايا والألابطة والتى تقام فيها الصلوات فى كثير من الأحيان ، ومن مظاهر الاهتمام بالمساجد التنافس الشريف فى خدمتها ، ووقف الأموال والعقار وغيرها لهذا الغرض ، الشئ الذى تشيد به المصادر خاصة كتب النوازل ووثائق تلك الفترة ، ومن استعراض كمية ونوعية هذه الموقوفات يظهر جليًا تعلق أصحابها بالمساجد ، والحرص على خدمتها والعناية بها كلاً على قدر استطاعته وبما يتوفر له ، وتظهر القائمة أنواعًا من الموقوفات يرويها الونشريسى أنواعًا متعدده منها ، سواء ما يتعلق ببناء المساجد وترميمها أو فيما يتعلق بخدمتها من فرش وإنارة ومياه ، وكذلك فيما يصلح حال أئمتها ومؤذنيها والقائمين عليها ، مما يخدم المسجد ويؤهله لأداء رسالته على الوجه المطلوب ؛ وقد استدعى الأمر أن يعين لكل مسجد – خاصة الكبرى منها – ناظر أحباس خاص به يتولى شؤون أحباسه الموقوفه عليه .
ومن مظاهر العناية بالمساجد فى عهد بنى الأحمر فى عصر بنى الأحمر ، توفير الإنارة ومياه الشرب اللازمة لها ، ويُذكر أن الإنارة فى المساجد مرت بعدة مراحل وكانت بدايتها الضاء على الظلام عن طريق الإنارة بالسراج المشتعل بالزيتت بأنواعه ، ثم تطورت وسائل الإنارة باستخدام النفط بأنواعه ، ثم تطورت وسائل الإنارة باستخدام النفط لهذا الغرض فى جامع غرناطة الأعظم ، والذى أعد لذلك كوقف ثابت له ، وفى أخرى كان الشمع قد خُصص هو الآخر كوقف على نفس الجامع للغرض نفسه وإن كان الموقّف قد حدد الاستفادة منه بالقراءة فقط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى