مقال

لا تنظر إلى من هو فوقك

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن لا تنظر إلى من هو فوقك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 26 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا أما بعد، قيل أن شاب كان يسير في شوارع الكوفة وكان جائعا فرأى حديقة.

ورأى تفاحة ملقاة على الأرض فأكلها، فأنبه ضميره وخاف من الله تعالى أن يأكل شيئا ليس من حقه فبحث عن صاحب البستان فوجد الحارس فاستسمحه أنه أكل التفاحة، فلم يسمح له ودله الحارس على صاحب البستان فأتاه وقص عليه القصة، فأبى صاحب الحديقة أن يسامحه إلا بشرط وهو أن يتزوج ابنته وذكر في ابنته عيوبا لا يمكن لإنسان أن يقبل بها زوجة بهذه العيوب ، فقال له هي عمياء العينين وصماء الأذنين وبكماء اللسان وقعيدة كسيحة لا تتحرك فاعتذر الشاب ولكن مالك الحديقة أصر على ذلك مقابل أن يسامحه، فقال الشاب إذا لم أتزوج الفتاة فلن يسامحني وإذا لم يسامحني فهي مسؤولية أمام الله عن التفاحة نظرا لقوله تعالى “ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” فعلي أن أتزوجها وأنجو بنفسي من عذاب الله.

فتزوجها وقال والدها للعريس اذهب وصل العشاء وستجدها في انتظارك وقد جهزت لكما غرفة في البيت فصلى العشاء ثم طرق عليها الباب وقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويقصد بالسلام على الملائكة لأنها خرساء بكماء، فلما دخل على زوجته وجدها معافاة مما قيل فيها ونظر إليها وإذا هي غاية في الجمال فسأل الشاب والدها فقال أما قلت لي أنها بكماء خرساء عمياء كسيحة، فقال الوالد نعم ، هي بكماء اللسان لأنها لا تنطق إلا بما يرضي الله، وعمياء العينين لأنها لا تنظر إلى ما حرم الله، وصماء الأذنين لأنها لا تسمع ما حرم الله، وكسيحة القدمين، لأنها لا تمشي بهما إلا إلى مجالس العلم والدين وإلى بيوت الله، ثم سأل الشاب والد الفتاة عن سبب تزويجه ابنته إياه وهو لا يعرفه، فقال الوالد إن ابنتي هذه كانت حملا ثقيلا على رقبتي وأمانة.

وكان حقا علي أن أوأدي هذه الأمانة إلى أهلها وهو الأمين التقي الذي يخشى الله عز وجل ويخشاه في السر والعلن وفكرت في نفسي وقلت إن الشاب الذي يقطع المسافات الطويلة من أجل أن يؤدي ثمن بعض الثمر لهو أحق أن يؤدي حق ابنتي، فارض بما قسم لك الله تكن أغنى الناس، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ” قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وقنعه الله” رواه ابن ماجه، وقد أمر الله تعالي بذلك فقال لرسوله الكريم صلي الله عليه وسلم كما جاء في سورة طه ” ولا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقي” فإذا رأيت من هو أكثر منك مالا وولدا، فاعلم أن هناك من أنت أكثر منه مالا وولدا، فانظر إلى من أنت فوقه، ولا تنظر إلى من هو فوقك.

فإلى هذا أرشدك المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال “انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى