مقال

نار وقودها الناس والحجارة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن نار وقودها الناس والحجارة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 30 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، تأملوا أيها المؤمنون هذه الصفات التي وصفكم بها ربكم والتي من بينها هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهل من اكتسب المكاسب المحرمة وساعد عليها هل هو أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ؟ ومن تلك الصفات أنكم تطيعون الله فهل من اشتغل بتلك المكاسب الخبيثة أو ساعد عليها أطاع الله أم عصاه؟ ثم استمعوا يامن تفرون من النفاق فراركم من الأسد بل أشد إلى الأوصاف التي وصف الله بها المنافقون، وصدق ربنا جل جلاله في علاه.

فإن أكثر من سلك طرق الكسب الحرام والفاحش إنما هو بسبب تخويف الشيطان له بالفقر، وهو الذي لا يملك لنفسه فضلا عن أن يملك للناس ولا نثق بوعد من بيده خزائن السموات والأرض، ونقول لمثل الذي يقول هذا هل اطلعت على اللوح المحفوظ وعلمت أنه لا يأتيك الرزق إلا من هذا الكسب المحرم؟ أما علمت بأن أبواب الرزق واسعة؟ أما علمت أن رزقك قد كتب لك وأنت في بطن أمك ولكن أنت الذي تأخذه من حل أم من حرام ؟ ويذكر أن رجلا من السلف ذهب يوما للمسجد في غير وقت الصلاة فلما وصل للمسجد وجد بجوار المسجد رجلا فقال له احفظ لي دابتي حتى أخرج، ونوى في نفسه أن يعطيه درهمين مقابل هذا العمل، فلما قضى أمره وخرج وجد أن الرجل الذي أئتمنه على تلك الدابة قد سرق لجامها وهرب به.

فأخذ دابته وعاد بها إلى البيت وأرسل غلامه إلى السوق بدرهمين ليشتري له لجاما للدابة، فلما عاد الغلام باللجام نظر ذلك الرجل إلى اللجام الذي اشتراه الغلام فإذا هو نفس لجام دابته، فقال لا إله إلا الله كتبت له فأخذها من حرام بدلا من أن يأخذها من حلال، ولكل من يخوفه الشيطان الفقر إن هو ترك المكاسب الخبيثة أقول له من الذي رزقك يوم أن كنت نطفة حقيرة في بطن أمك؟ ومن الذي رزقك يوم أن كنت علقة؟ ومن الذي رزقك يوم أن كنت عظاما؟ ومن الذي رزقك يوم أن خرجت لهذه الدنيا لا تملك حتى اللفافة التي لففت بها؟ أليس هو الله الرزاق الكريم؟ بلى والله، فهل قدمت له وأنت تتقلب في تلك الأحوال قربى، أركعت له ركعة، أسجدت له سجدة؟ أسبحته وقدسته؟

أتظن أن الذي رزقك من قبل أن تركع وتسجد له وتسبحه وتقدسه ينساك بعد أن أصبحت عبدا مؤمنا لربك مطيعا؟ حاشاه سبحانه وهناك بعض الناس من يبرر لنفسه بقوله السوق يريد هذا أو الظروف، وكل الناس يفعلون ما أفعل ولست الوحيد بينهم، فأقول له احذر فلو رأيت الناس يرمون أنفسهم في نار مشتعلة أكنت راميا نفسك؟ فما بالك بنار وقودها الناس والحجارة؟ أقول له يوم القيامة لن تسأل عما فعل الناس ولن يكون فعل الناس لك حجة وإنما تسأل عن نفسك، فماذا أنت فاعل حينئذ؟ فاللهم اغننا بحلالك عن حرامك، ويسر لنا في الأرزاق، وبارك لنا في أقواتنا، وقنعنا بما رزقتنا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا تجعلها تلهنا عن آخرتنا، ووفقنا لما ينفعنا في معادنا، وجنبنا الكذب والغش في معاملاتنا، وارزقنا الصدق والنصح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى