مقال

أين المهرب يوم القيامة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أين المهرب يوم القيامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 10 يناير 2024

الحمد لله، بلطفه تنكشف الشدائد، وبصدق التوكل عليه يندفع كيد كل كائد، ويتقى شر كل حاسد، أحمده سبحانه وأشكره على جميع العوائد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شيء آية تدل على أنه الأحد الواحد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحق، وأقام الحجة على كل معاند، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الأماجد، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن العمر ينقص والذنوب تزيد، وتقول عثرات الفتى فيعود، وهل يستطيع جحود ذنب واحد، رجل جوارحه عليه شهود، فيا من استترت من أعين الخلائق في الدنيا ألم تعلم بأن الله يرى؟ ألم تعلم بأن الملائكة الكرام الكاتبين يحصون عليك كل صغيرة وكبيرة؟

أين يهرب الواحد منا والأرض شاهدة عليه، والرسل والأنبياء شهود، والأيام والليالي شهود، والملائكة شهود، والجوارح والأعضاء والجلود شهود، وكفى بالله شهيدا، فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلا الإستسلام والإعتراف، ولكن فات الأوان، يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهد نطقت، أما علمت أن النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كل من يلقى فيها، والتوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها، يا أسفا للعصاة في مآبها، إذا انقطع أسبابها، وغابت في الأسى عند الحضور عتابها، كل أمة تدعى إلى كتابها، قامت الأمم على أقدامها، فأقامت تبكي على إقدامها، وسالت عيون من عيون غرامها، ندما على آثامها، في أيامها وأحقابها.

كل أمة تدعى إلى كتابها، ظهرت في ذلك اليوم أهوال لا توصف، وبدت أمور لا تعرف، وكشفت حالات لم تكن تكشف، يا له من يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن من فرح بالآثام، وتيقن بأن ما كان فيه من لذة أحلام، ذهبت اللذة وبقيت الحسرة، وروى الترمذي رحمه الله عن النبي صلي الله عليه وسلم “لما قرأ ” يومئذ تحدث أخبارها” قال أتدرون ما أخبارها؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فإن أخبارها يوم تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول أي الأرض عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها” فيا له والله من منظر مهول، هذه الأرض التي طالما وطئناها بأقدامنا، وعملنا عليها الذنوب والمعاصي فأثقلناها بذلك بالخطايا والآثام، ولم يشعر العاصي أنها ستنطق عليه.

فتخبر بكل ما عمل عليها من زنا وقتل، وظلم وجور، وكذب وسرقة، ومقارفة للحرام، كما أنها ستشهد بالصلاة، والذكر، والتسبيح، والسير في الطاعات، والطواف، والسعي، وغير ذلك من المشي إلى العلم، وزيارة الإخوان، وغير ذلك من أنواع القربات والطاعات، فلتكتب آثارك عليها يا عبد الله بالخير، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن عمروا أوقاتهم بذكرك، وأن تجعلنا ممن يشهد لهم بالخير يوم الدين، اللهم كفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مسلمين، اللهم أحينا مؤمنين، وأمتنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وأفسحوا لإخوانكم يفسح الله لكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى