مقال

الإنسان وإدراك العلاقات الترابطية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان وإدراك العلاقات الترابطية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 23 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد إنه حتى تتحقق النظرة الشمولية التكاملية فمن المهم إدراك العلاقات الترابطية وتجاوز الرؤية السطحية والتجزيئية للأشياء، بحيث ترى المعلمة الشيء مؤثرا ومتأثرا، وسببا ومسببا في آن واحد، فسلوك الطالبة المنحرف وسوء أخلاقها قد يكون نتيجة سوء علاقتها مع أسرتها وزميلاتها، وقد يكون نتيجة تقصيرها في تحصيلها الدراسي، وفي الوقت نفسه، قد يظهر أن سوء أخلاقها وانحرافها سبب لضعف علاقتها الأسرية كما أنه يدفع بالطالبة نحو التقصير في دراستها أكثر فأكثر، وفقد المعلمة للرؤية الترابطية يجعلها تعالج عوارض المرض دون انتباه للأسباب المسببة له.

والتي قد تنتجه من جديد، كما أن ذلك يؤدي إلى اختلاط الأمر والحصول على نتائج ضئيلة لا تتناسب مع الجهود المبذولة في الإصلاح، وإن الارتقاء بالدعوة وعلاج معوقاتها يتطلب التعاون بين جميع الجهات المعنية، فقد لا يكفي في تحقيق النتائج المرجوة تعاون المعلمة مع الطالبة فحسب، بل يضاف إلى ذلك تعاون إدارة المدرسة والإدارة التعليمية، مع دعم وزارة التربية، بالإضافة إلى المحيطين بالبيئة المدرسية من المؤسسات التربوية الأخرى كالأسرة والمسجد والجهات الخيرية وغيرها، ومن المهم والضروري أن يكون لكل من المعلمة الداعية والطالبة المدعوة دور إيجابي في إزالة المعوقات التي تواجه دعوة الطالبات، حتى يحصل الارتقاء بالدعوة، كما يجب أن يُهيأ لهما الجو المناسب.

للقيام بمهمتهما الإيجابية الفعّالة، وأن تعوّدا على مجابهة المشكلة والتدرب على حلها، وعلى تحديد الأهداف والترجيح بينها عند التعارض، وعلى اتخاذ نظرة واقعية متوازنة إلى نفسيهما وإلى غيرهما، وإن إشراك الطالبة والمعلمة في مواجهة عقبات الدعوة يعلمهما أن كثيرا من العاملات في مجال الدعوة يواجهن مثل تلك العقبات والمشكلات، الأمر الذي يجعل المعلمة والطالبة يتحلين بالثبات وعدم اليأس أو فقد الأمل أمام الصعوبات التي تعجز عن تغييرها، وأن استعصاء بعض المشكلات على الحل اليوم لا يعني إستحالة معالجتها في المستقبل، ولذلك يتطلب سبيل للإرتقاء بالدعوة في المرحلة الثانوية مشاركة المعلمة أو الطالبة في التخطيط والتنفيذ للارتقاء بالدعوة، حتى يتم اكتشاف المعوقات وأسبابها.

وبالتالي تشعر كل منهما بأهميتها في مجال الدعوة رغم أن بعض المعوقات مرتبطة بها، وإلا ظل أثر العلاج سطحيا غير متناول للجوهر الحقيقي للمعوق، وإن التركيز على سبل الإرتقاء بالدعوة وعلاج معوقاتها ينبغي أن يركز على الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور هذا المعوق، بدلا من أن يكون على أعراضه وآثاره، لأن الداعية إذا تعرفت على المعوق تمكنت من معالجة الأسباب الحقيقية له بل وتغلبت عليه بصورة ناجحة فعالة، أما إذا أهملت الأسباب وركزت على علاج الأعراض فإنها لا تضمن علاجا دائما وحقيقيا للمعوق، وحتى لو اختفت الأعراض بصورة مؤقتة، فإنها سرعان ما ترجع من جديد، وقد تبرز على شكل معوّق آخر، والطريقة الصحيحة هنا أن يعالج العرض الخارجي والسبب الداخلي في آن واحد، مع إعطاء الأهمية الكبرى لعلاج السبب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى