مقال

قابيل هو الأسوأ والأضعف

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن قابيل هو الأسوأ والأضعف
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 4 فبراير 2024

الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد إن تعظيم الإسلام النفس المسلمة والتشديد في النهي عن قتلها لا يقف عن حدود النهي عن قتل المسلم بغير حق، بل إن الإسلام أوجب الدية والكفارة على قاتل النفس المسلمة خطأ، فقتل الخطأ شرع فيه الإسلام الكفارة والدية، وهو خطأ غير مقصود، تعظيما لحرمة النفس المسلمة التي صانها الإسلام، ووضع لها القيود للحفاظ عليها، ويقال ان قابيل كان مسلما ولم يكن كافرا، وكانت هذه أول جريمة قتل على ظهر الأرض قابيل وهابيل هما شخصيتان ذكرا بالعهد القديم، وهما أول ابنين لادم وحواء.

وتتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام ولدت أربعين بطنا وكانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى، وكان أبونا آدم عليه السلام يزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن آخر، ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل أراد أن يستأثر بها، فأمره آدم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قربانا وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى وذهب آدم عليه السلام إلى مكة ليحج، وقرّب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب أبيهم آدم عليه السلام، فقرب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم، وأما قابيل فقرب حزمة من زرع رديء وكان صاحب زرع، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضبا شديدا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له “إنما يتقبل الله من المتقين”

وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث آدم عليه السلام وكان قد رجع من الحج أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذ هو به، فقال له تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له هابيل إنما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل، وانتهى الحوار بينهما وانصرف قابيل وترك أخاه هابيل مؤقتا، وعندما أراد قابيل قتل هابيل، فقال هابيل لقابيل أنا أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى فتتحمل إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك وبعد أيام كان هابيل نائما وسط غابة مشجرة فقام إليه أخوه قابيل فقتله ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، وقيل خنقه خنقا شديدا ” فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين” وجلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض وكان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.

وبهذا يكون هابيل أول من قُتل على سطح الأرض، ولم يعرف قابيل كيف يواري جثة أخيه، وقرر أن يحمله في جراب على ظهره حائرا ومضطربا لا يعلم ما يفعل، وقيل أنه لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به آدم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر، فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب وليعلم أن ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه هابيل كان مسلما مؤمنا ولم يكن كافرا، وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه هابيل ظلما وعدوانا، ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد.

وقيل أيضا أنه حمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب، وبعدها طار في الجو، فحزن قابيل على أخيه هابيل وأحس بالندم واكتشف أنه هو الأسوأ والأضعف وأهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه وحزن آدم حزنا شديدا على خسارته في ولديه، فقد مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني، وصلى آدم عليه السلام على ابنه، وعاد إلى حياته يعمل ليصنع خبزه، ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله تعالي ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه وهكذا فإن كل نفس تقتل في الأرض إلى يوم القيامة فإن قابيل يتحمل شيئا من وزرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى