مقال

فرض الصلاة علي الأمة المحمدية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فرض الصلاة علي الأمة المحمدية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 11 فبراير

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن الرحلة الإلهية والمعجزة الربانية رحلة الإسراء والمعراج، والتي فرضت فيها الصلاة علي الأمة المحمدية، والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا” رواه البخاري، ولأهمية الصلاة كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من وصيته وأمره بها.

وكانت من أواخر وصاياه لأمته قبل موته، فعن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها قالت “كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم، حتى جعل يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه لا يقدر على الإفصاح بها” رواه الحاكم، لقد اشتملت معجزة الإسراء والمعراج على فوائد ودروس كثيرة، وظهر فيها فضل النبي صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته، وإمامته للأنبياء، وقد أطلعه الله فيها على النار وما يجري فيها من عذاب الكفار وأهل المعاصي، وأراه الجنة وما فيها من النعيم الذي أعده لأهلها، وفيها فرضت الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وفي هذا دليل على أهمية رحلة ومعجزة الإسراء والمعراج، وأهمية الصلاة وعظمها في الإسلام.

ولقد كان العام العاشر للبعثة عاما ثقيلا، خيم فيه الحزن على بيت النبوة، وألقى بظلاله على جنباته حتى عُرف في التاريخ بعام الحزن، ففي هذا العام مات أبو طالب ففقد النبي صلى الله عليه وسلم الظهير أو النصير الخارجي الذي كان يحوطه ويرعاه، ويدفع عنه أذى المشركين، فلا يتجرأ أحد أن يصل إليه بأذى ولكنهم بموت أبي طالب امتدت ألسنتهم وأيديهم بالأذى إليه، ونالوا منه ما لم يكونوا ينالونه من قبل، وبعده وفاة أبي طالب بقليل توفيت زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها الظهير والنصير الداخلي، التي كانت تمسح عنه الأسى، وتخفف عنه ما يناله من أذى، وتزيح عنه الهموم والغموم، ماتت فكانت تلك مصيبة أخرى للنبي صلي الله عليه وسلم، واشتد أذى المشركين عليه وعلى أصحابه، وزاد عنادهم وتسلط عليه سفهاؤهم.

وناله ما لم ينله من قبل فخرج إلى ثقيف يبحث عن نصير يمنعه ليبلغ رسالة الله، لعله يجد قلوبا أطيب وعقولا أرجح، تقبل دعوة الله، أو يؤونه حتى يبلغ رسالة الله، ويكونون قاعدة للانطلاق للدعوة للعالمين لكنه لما أتاهم ودعاهم إلى الله، إذا بهم أجساد بلا أرواح، وأدمغة بلا عقول، وقلوب أقسى من جلاميد الصخر، وجدهم أشد إسفافا وعنفا، قلوب قاسية، ونفوس خاوية، وعقول متحجرة، ألسنة فاحشة، وسفاهة لا حد لها، حتى سمع منهم ما لم يسمعه من قريش ونالوا منه ما لم ينله منه سفهاء قريش أغروا به سفهاءهم فجعلوا يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى خرج من عندهم في أشد حالات الأسى والألم، يهيم على وجهه ويشكو إلى الله ضعف قوته وقلة حيلته فدعا بهذه الدعوات “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس”

فكانت الإجابة مباشرة بإرسال ملك الجبال يعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين، فلا كانوا ولا وجدوا، فأبى وقال بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله تعالي، ثم أراد الله سبحانه أن يسليه، ويسري عنه، ويطيب خاطره، ويضمد جراحه، ويخفف عنه ما لقيه في رحلة ثقيف من الأذى، ويؤكد له أن السماء لم تتخل عنه، فاستدعاه في رحلة العجائب، رحلة الإسراء والمعراج، فكانت رحلة تعزية وتسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم بعد فقد عمه وزوجته نصيريه في الأرض وكانت تثبيتا لقلبه، ومواساة بعد عشر سنين متواصلة من المشاق والعنت والجهاد ومالقيه من المشركين فيها صلي الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى