محافظات

دليل على مروءة الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دليل على مروءة الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 12 فبراير

الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد إن الحياء من الناس خلق حسن جميل يمنع من المعايب، ويشيع الخير والعفاف، ويعوّد النفس ركوب الخصال المحمودة، والحياء من الناس هو دليل على مروءة الإنسان فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو بيده، فلا يقول القبيح ولا يتلفظ بالسوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينم على الآخرين، وكذلك يستحي من أن تنكشف عوراته فيطلع عليها الناس، وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ” لا خير فيمن لا يستحي من الناس”

والحياء من الناس يكون بحفظ ماء الوجه لهم، ولا يتم ذلك إلا بكف الأذى عنهم، وترك ما يغضبهم أو يزعجهم، قال أحد الحكماء “من كساه الحياء ثوبه، لم يري الناس عيبه” وقال بعض البلغاء “حياة الوجه بحيائه، كما أن حياة الغرس بمائه” ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش ومعيب الألفاظ، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها، ومن الحياء القصد في الحديث في المجالس، فإن بعض الناس لا يستحيون من امتلاك ناصية الحديث في المحافل الجامعة، فيملئون الأفئدة بالضجر من طول ما يتحدثون، ومن الحياء أن يتوقى الإنسان ويتحاشى أن يؤثر عنه سوء، أو تتلطخ سمعته بما لا يليق، وأن يحرص على بقاء سمعته نقية من الشوائب.

بعيدة عن الإشاعات السيئة، وإن من الحياء أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم، فيؤتي كل ذي فضل فضله، فالابن يوقر أباه، والتلميذ يحترم المعلم، والصغير يتأدب مع الكبير، فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته، ولا أن يجعل أمامهم خطوة، وإن ما تعانيه المجتمعات اليوم من المحن وتتابع الفتن واستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذاك إلا بسبب فقد الحياء، وذهاب الحياء، وإن منزوع الحياء لا تراه إلا على قبح، ولا تسمع منه إلا لغوا وتأثيما، عين غمازة، ونفس همازة، ولسان بذيء يتركه الناس اتقاء فحشه، مجالسته شر، وصحبته ضُر، وفعله عدوان، وحديثه بذاء، وإن من مظاهر ذهاب الحياء هو المجاهرة بالذنوب والمعاصي وعدم الخوف من الله تعالي، فعديم الحياء لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله.

ولا باطلاعهم عليه، بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، وكما أن من مظاهر ذهاب الحياء هو إذاية الناس في دينهم وفي طرقاتهم، رمي للأزبال في الطرقات، وتبول وتغوط في الطرقات، أمام أعين الناس وأنظارهم، فانظر كيف تنزل قلة الحياء بالإنسان إلى مراتب الدواب والأنعام، التي تقضي حاجتها في كل مكان غير آبهة بمن يراها وينظر إليها، وهكذا يفعل كثير من الناس، وروى الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم” فهي أفعال وتصرفات لا تليق بإنسان أنعم الله عليه فخصّه بهذا الخلق خلق الحياء دون سائر الحيوانات والمخلوقات، زينه الله عز وجل بزينة الحياء ليمنعه من فعل القبيح، فمن لا حياء له، فليعلم أن فطرته مطموسة وقلبه ميت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى