مقال

الدكروري يكتب عن عواقب تفريط الآباء في حقوق الله

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله العلي الأعلى، خلق فسوّى، وقدّر فهدى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العُلا، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله نبي الرحمة والهُدى، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار النجباء، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور والجزاء أما بعد فاتقوا الله عباد الله، حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن حقوق الطفل في الإسلام وكما أشارت المادة رقم سبعة وعشرون من اتفاقية حقوق الطفل إلى مسئولية الإنفاق على الطفل فتعترف الفقرة الأولى من هذه المادة بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والإجتماعي. 

وتحمل الفقرة الثانية من المادة نفسها الوالدين أو أحدهما أو الأشخاص الآخرين المسئولين عن الطفل المسئولية الأساسية في القيام، في حدود إمكاناتهم المالية وقدراتهم، بتأمين ظروف المعيشة اللازمة للطفل، وإذا كان للأب الأجر والمثوبة في التوسعة على الأهل والإنفاق على العيال فإن عليه الوزر والإثم إذا أمسك عن الإنفاق على الأهل والأولاد وهو يستطيع من مأكل ومشرب، وإذا لم يستطع الأهل الإنفاق على أولادهم فلهم الحق في الإعاشة من بيت مال المسلمين من مأكل ومشرب وعلم، وكما من الحقوق للطفل في الشيعة الإسلامية هو حق التعليم، ولقد حث الإسلام على طلب العلم وفرضه على كل مسلم ومسلمة، فيقول الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم ” طلب العلم فريضة على كل مسلم” 

والخطاب هنا يشمل الذكر والأنثى كما هو مقرر لدى شراح الحديث، وقد أوجب الإسلام على الآباء تعليم أطفالهم، وهذا ما فهمه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، من قوله عز وجل كما جاء في سورة التحريم ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة” حيث قال الإمام علي ” علموهم وأدبوهم” وينقل الشوكاني عن ابن جرير رحمهما الله، قوله في هذه الآية فعلينا أن نعلم أولادنا الدين والخير وما لا يستغنى عنه من الأدب، ويروي الترمذي رحمه الله، قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع” وقوله صلى الله عليه وسلم “ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن” فمن كل هذه الآثار يتبين حق الطفل في التعلم والتعليم مع ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.

وإعطاء كل عمر ما يناسبه من جرعة تعليمية تتوافق مع قدراته وتتواءم مع مرحلته العمرية، ولعل من إنفاذ هذا الحق في وقتنا المعاصر إلحاقه في المدارس إذا وصل إلى سن الدراسة المقررة نظاما، ومن إنفاذ هذا الحق وهو المقدم تعليم الطفل الآداب والسلوك والمهارات الأساسية وما يطيقه من عقائد وعبادات تتناسب ومستوى نضجه العقلي والنفسي والاجتماعي، ويرى الإمام ابن القيم رحمه الله وجوب تأديب الأولاد وتعليمهم، والعدل بينهم، حيث يقول إن من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسنته، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا.

وكم من والد حرم ولده خير الدنيا والآخرة وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة، وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله وإضاعتهم لها وإعراضهم عما أوجب الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى