مقال

” الخـــــواطر”  بين الجــــبر والكسر

 

بقلم السفير : فتحي عفانة

يعتبر ” جبر الخواطر ”  أسلوب حياتنا اليومية  بل يعد من أخلاقنا الإسلامية العظيمة حيث يدل علي سمو النفس وعظمة القلب ، وسلامة الصدر  ورجاحة العقل  ويجب أن يتحلي به المؤمن  وجبر الخواطر عمل راقي ، لا يجيده إلا أصحاب النفوس الراقية  لكن الآن : جبر الخواطر : أصبح  عبادة مهجورة ، وثقافة معدومة  علي الرغم من أننا نردد طوال  اليوم  عبارة ( جبر الخواطر علي الله ) ونردد فلان جبر بخاطر فلان ،  وفلان كسر بخاطر فلان  والإمام سفيان الثوري كان يقول / ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل عبادة  ( جبر الخواطر )  “من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر “

فلا بد ان نجعل جبر الخواطر أسلوب حياة، ولا تستخف بأيّ شيء من جبر الخواطر مهما قلّ، “كلمة أو إشارة”، فالقليل منك كثير، وعظيما في قلوب الناس. وأن تطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر خلق كريم وصفة من صفات الأنبياء والصالحين وخلق إنسانى عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة وهو من أعظم الأسباب التى تنشر الألفة والمحبة والسلام بين النفوس، هى عبادة جليلة أمر بها الدين وتخلق بها سيد المرسلين محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ بها تنال الدرجات وترفع المقامات.

ومن أعظم الآيات قوله ـ تعالي: ولسوف يعطيك ربك فترضي. ثقه ويقين فى الله، سيعطيك و يرضيك وهى أقصى معانى اليقين والاطمئنان . فإن جبر الخواطر عبادة عظيمة وإدخال السعادة على نفس بشريه جزاؤها كبير، الكلمة الطيبه حسنه والابتسامه حسنة، هى عبادات بسيطة و جزاؤها عظيم وأخيرا فإن الله يجبر بخاطر من يجبر خواطر الناس ومن صار بين الناس جابرا للخواطر أدركته عناية الله في جوف المخاطر.

وتطييب الخاطر لا يحتاج إلى كثير جهد ولا كبير طاقة، فربما يكفي البعض كلمة: من ذكر، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة، وينقص ذاك جاه، وينتظر البعض قضاء حاجة، ويكتفي البعض الآخر بابتسامة، فعلينا أن نجتهد بإدخال الفرح والسرور إلى قلوب إخواننا، ولا نبخل على أنفسنا، فالصدقة والخير نفعه يعود إليك.

الحياة نعيشها بحلوها ومرها، وهي سنة كونية، وأيام يداولها الله بين الناس، فلا تنزعج عندما تُصاب بمكروه ولا تستسلم، ولا تُطل الوقوف على الأطلال، خاصةً إذا سكنتها الخفافيش، وعرفت طريقها الأشباح، وبادر بالبحث عن صوت العصفور خلف الأفق، مع سقوط أشعة الصباح.

تأكد دوما أن بعد العُسر يسر، وفرج قريب، وأشخاص سيجبرون بخاطرك في القريب العاجل، فإذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فلا تستسلم وتفاءل وانتظر قدوم الربيع، وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظر بعيدًا فسوف ترى أسراب الطيور، وقد عادت تُغني، وسوف ترى الشمس، وهي تُلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر، لتصنع لك عمرًا جديدًا وحلمًا جديدًا وقلبًا جديدًا وخاطرا مجبورا.

الحياة لا تتوقف مع أول أزمة أو مشكلة تتعرض لها، فستمر وتتفادها، بالسعي وانتظار الفرج من الله، وكُن على يقين أنّه آت مهما طال الانتظار، فسيأتي لك الشخص الذي يُعيد لك الحياة من جديد ويجبر خاطرك. حياتنا قصيرة، فلا تجعل الحزن يحجز مساحات كبيرة فيها، فتجاهل أوجاعك وتناسى همومك، ابتسم فقط وانسج أمنيات جديدة، تفاءل تعش بفرح، وجالس هؤلاء الذين يجبرون الخواطر.

 أخبروا قلوبكم أنّها تستحق الفرح، املؤوها بالابتسامة، واستودعوها الله، وكونوا مطمئنين، فالسعادة ليست حلمًا ولا وهمًا، ولا أمر محال، بل هي تفاؤل وحسن ظن بالله وصبر بغير استعجال، وأشخاصا يجبرون خواطرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى