مقال

الدكروري يكتب عن صاحب السيف الخشب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صاحب السيف الخشب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 12 مارس 2024

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن غزوة بدر الكبري، وقيل أنه قاتل الصحابي الجليل عكاشة بن محصن يوم بدر بسيفه حتى انقطع فى يده، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه جذلا من حطب، فقال “قاتل بهذه يا عكاشة” فلما أخذه من رسول الله هزّه فعاد سيفا فى يده طويل القامة، فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين، ولم يزل يقاتل بهذا السيف حتى قتل في حروب الردة وهو عنده، وأما قائد جيش الكفر أبو جهل، فقد التفت حوله عصابة من المشركين، وقالوا أبو الحكم لا يُخلص إليه ولكن هيهات.

قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إني لواقف يوم بدر، فنظرت عن يمينى وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال يا عماه، أتعرف أبا جهل؟ فقلت نعم، وما حاجتك إليه؟ قال أخبرت أنه يسب رسول الله، والذى نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادى سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزنى الآخر فقال لي أيضا مثلها، فلم ألبث أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول فى الناس، فقلت ألا تريان، هذا صاحبكم الذى تسألانى عنه، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم احتز رأسه ابن مسعود وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكبر وحمد الله وقال هذا فرعون هذه الأمة، وانجلت المعركة عن نصر عظيم للمسلمين، وانهزمت جموع الكفار وولت الدبر.

مصداقا لقول الله تعالى “سيهزم الجمع ويولون الدبر” وقتل منهم سبعون، معظمهم من صناديدهم وأشرافهم، وعلى رأسهم أبو جهل، وأسر منهم سبعون، وفر الباقون يجرون أذيال الهزيمة إلى مكة، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا رضي الله عنهم، منهم حارثة بن سراقة، وكان قد رُمى بسهم وهو يشرب من الحوض، فأصاب نحره فمات، وقد ثبت فى الصحيحين عن أنس أن أم حارثة قالت يا رسول الله، أخبرني عن حارثة، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه بالبكاء، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى” وفي هذه الغزوة العظيمة دروس كثيرة، أولها هو درس فى فضل الجهاد في سبيل الله، فالجهاد ذروة سنام الدين، وسبيل عز المؤمنين.

وهو أفضل عمل يتقرب به العبد لربه بعد الإيمان به، ففي الصحيحين عن أبى ذر رضى الله عنه قال، قلت يا رسول الله، أى العمل أفضل؟ قال “الإيمان بالله والجهاد في سبيله” فإن منزلة الجهاد منزلة عظيمة لا يصل إليها إلاَ من عظمت الآخرة فى نفسه وهانت الدنيا عنده، ورسخت محبة الله في سويداء قلبه، فعاش بالله ولله ومع الله، وبهذه العقيدة الصحيحة ربى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، فتسابقوا للجهاد، وواجهوا أعداء الله بثبات وإيمان، وحرصوا على الموت حرص غيرهم على الحياة، فنصر الله بهم الدين، وجعلهم أحياء في الدارين، فهم أحياء فوق الأرض بالعزة والتمكين، وهم أحياء تحت الأرض عند ربهم يرزقون، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة عزّها في الجهاد، متى ما رفعت راية الجهاد كانت عاقبتها النصر والعزة والتمكين، ومتى ما استكانت ورضيت بالقعود وتركت الجهاد ضربت بالذلة، وتسلط عليها أعداؤها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى