مقال

حكم التقبيل للصائم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حكم التقبيل للصائم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 16 مارس 2024

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي وكتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن شهر رمضان وعن أحكام الصيام في شهر رمضان، وأما عن حكم التقبيل للصائم، فإن التقبيل الذى يفطر الصائم بسببه هو ما نتج عنه إنزال، وهذا بإجماع أهل العلم، أما إن لم ينتج عن التقبيل إنزال فيعتمد الحكم على طبيعة الصائم نفسه، فإن كانت القبلة تؤثر فيه، وتحرك شهوته، فحكمها الكراهة، إلا أنها لا تعد مبطلة للصيام، وقد صح عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت.

” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه أملككم لإربه” أما إذا كانت القبلة لا تؤثر في الصائم، ولا تحرك شهوته، فحكمها الإباحة، إلا أن الأولى تركها استدلالا بما رُوى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال ” هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، فقال صلى الله عليه وسلم ” أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟ قلت لا بأس، قال ” فمه” وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن علة الحكم مرجعها إلى تحريك الشهوة أو الإنزال، وتنتقل بين الكراهة والجواز تبعا لذلك، ولا فرق في الحكم بين الشاب وكبير السن، بينما ذهب المالكية إلى كراهة التقبيل للصائم مطلقا، وتجدر الإشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا فى حكم نزول المذى المصاحب للتقبيل في نهار رمضان.

فقال كل من الإمام أحمد، والإمام مالك رحمهما الله بأنه مُبطل للصيام، وقال الإمام الشافعى وأبو حنيفة بأنه غير مُبطل للصيام، وتأكيدا على ما سبق فقد استدل أهل العلم بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال ” أن رجل سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وآتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذى رخص له شيخ والذى نهاه شاب” ولا يخفى أن المقصود بالمباشرة الواردة فى الحديث لا يتضمن الجماع، وإنما يقصد بها الملامسة، وما فى حكمها كالتقبيل، وبيّن أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرخص للشاب لأنه رأى أن شهوته أشد من الشيخ الكبير، مما يجعله أكثر عُرضة لما قد يفسد صيامه، وأما عن الأحكام المتعلقة بنزول المنى للصائم، فإنه يعرف المنى بأنه سائل ثخين لونه أبيض مائل للصفرة، رائحته كرائحة طلع النخيل، أو العجين.

ويخرج دفقا عند اشتداد الشهوة، ويعقب نزوله فتور فى الجسم، والمنى طاهر، إلا أنه يوجب الغسل، أما المذى فهو سائل لزج شفاف اللون، يخرج عند الشهوة من غير تدفق، والمذى نجس، إلا أنه لا يوجب الغسل، بل الوضوء، ومن الجدير بالذكر أن حكم نزول المنى يختلف بحسب الوسيلة التى نزل بها فنزوله بسبب التقبيل، أو الملامسة بين الرجل وزوجته، أو الاستمناء يفسد الصيام، ويوجب القضاء باتفاق المذاهب الأربعة، إلا أنه لا تترتب على ذلك كفّارة لأن حكم الكفارة ورد فى الجماع دون غيره، أما فى حال نزول المنى بمجرد التفكير من غير لمس، أو نظر، أو استمناء، أو فى حال نام الصائم فاستحلم، وأنزل المنى، فلا يفسد صيامه، وذلك بإجماع أهل العلم لأن الأمر خارج عن إرادته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى