مقال

أناس اشتروا الآخرة بأغلي الأثمان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أناس اشتروا الآخرة بأغلي الأثمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 28 مارس 2024

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، ثم أما بعد إن هناك فئة من الشهداء ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث ” من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه في سبيل الله” وكذلك من مات غريقا أو محروقا فهو شهيد” وبعد أن تعرفنا على منزلة الشهيد عند الله عز وجل، يجب علينا أن نتعرف على بعض أحكام الشهيد التي ينبغي أن تراعى معهم بعد نيلهم الشهادة، فأما عن غسل الشهيد، فقد ذهب جماهير العلماء إلى أن الشهيد الذي يقتل في المعترك لا يغسل.

والأدلة على ذلك كثيرة منها عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم ” رواه أبو داود، وأما عن تكفين الشهيد، فإنه لا يجوز نزع ثياب الشهيد الذي قتل فيها بل يدفن وهي عليه، فعن عبد الله بن ثعلبه بن صعير قال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد ” زملوهم فى ثيابهم” قال وجعل يدفن فى القبر الرهط قال، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قدموا أكثرهم قرآنا ” رواه احمد، ويستحب تكفين الشهيد بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب، وأما عن الصلاة على الشهيد، فإنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى على الشهداء، وثبت أيضا أنه ترك الصلاة على شهداء آخرين، فكلا الأمرين حسن.

وأما عن تعزية المصابين، فإن ذلك من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأى جابرا منكسرا فعزاه، والتعزية هى الحمل على الصبر بوعد الأجر مع الدعاء للميت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” من عزى أخاه المؤمن في مصيبة كساه الله حلة خضراء يحبر بها” قيل ما يحبر بها ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يغبط بها ” وفيها أن الحزن على الميت لا ينافي الصبر، فلقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم وقام بقلبه، وإنما يعذب الله باللسان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها أن الله لم يكلم أحدا بغير حجاب إلا عبد الله بن حرام بعدما قتل في سبيل الله، ومنها أن من مات فلا يمكن أن يرجع للدنيا، لقول الله تعالى ” إنه قد سبق القول منى أنهم إليها لا يرجعون ” وإن شهداء أحد هم رجال رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فباعوا الدنيا.

واشتروا الآخرة بأغلى الأثمان، لقد اشتروا الآخرة بدمائهم وأرواحهم، وقدموها لله، إنهم القدوة لمن جاء بعدهم، ولمن أحب أن يصدق فيه قوله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” ولأجل شرف ذكر الله عز وجل عظمت رتبة الشهادة، لأن المطلوب الخاتمة، ونعني بالخاتمة وداع الدنيا والقدوم على الله تعالى والقلب مُستغرق بالله عز وجل، منقطع العلائق عن غيره، وعند الكلام عن شهداء أحد فلا بد أن نبدأ بسيِد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سيد الشهداء حمزة” وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه في العام السادس من النبوة.

وكان قبل الإسلام يعيش حياة لهو ولعب وعبادة للأصنام، ويذهب للصيد، فكانت حياة لا قيمة لها، أما بعد الإسلام فقد انتقل من كونه سيِدا في قبيلته الصغيرة إلى كونه سيدا لشهداء الأرض كلها إلى يوم القيامة، وكانت له مواقف تميزه سواء في مكة أو في شِعب بني هاشم، وفي غزوة بدر قال المشركون من هذا الملثم الذي على صدره ريشة النعام؟ فقالوا حمزة، فقالوا هذا الذي فعل بنا الأفاعيل، وقد أنفق رضى الله عنه كثيرا، وضحى كثيرا، وبذل كثيرا، حتى وصل إلى مرتبة الشهادة في سبيل الله، ولقد طلب الشهادة بصدق فنالها، فإن تصدق الله يصدقك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى