مقال

الدكروري يكتب عن ولا تطيعوا أمر المسرفين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ولا تطيعوا أمر المسرفين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة القوي الجبار، شديد العقاب وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، رب الأرباب ومسبب الأسباب وقاهر الصلاب وخالق خلقه من تراب قاصم الجبابرة وقاهر الفراعنة والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد، ليبين لهم الحلال والحرام وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أما بعد إن الإنسانية لغويا هي مصدر صناعي من إنسان وهي ضد الحيوانية أو البهيمية، وتعني الصفات التي تميّز الجنس البشري عن غيره من الأنواع، ولقد تميّز الإنسان البشري بقدرته على المشي منتصبا على الأرض، والقدرة على تسلق الأشجار في آن واحد، ومكنته هذه الميزة من سهولة التأقلم مع البيئة، والمناخ.

والقدرة على السفر بمرونة، وإن المرتبة الثانية من الإفساد هو ما يلحق بالذرية والأبناء والأتباع في اقتدائهم بالكبار المتبوعين في مساويهم، ولهذا قال نبى الله نوح عليه السلام كما جاء فى سورة نوح ” إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا” وإن المرتبة الثالثة هى إفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بث أخلاق وصفات ودعاوى الفساد، وذلك بالإسراف في المعاصي حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها، ولهذا قال نبى الله صالح عليه السلام، ناهيا قومه عن التأثر بالمفسدين، كما جاء فى سورة الشعراء ” ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون” وإن المرتبة الرابعة هى إفساد الدائرة الأوسع في المجتمعات عن طريق إشاعة الأمراض الاجتماعية المفسدة بواسطة المضلين مثل إثارة فتن الشبهات والشهوات.

والوقوف في وجه المصلحين وإحداث العقبات في طرقهم زعما بأنهم يقفون ضد مصالح الناس، فقال الله تعالى فى سورة البقرة “وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون” وقال الملأ المضلون من قوم فرعون كما جاء فى سورة الأعراف ” أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك” وإن المرتبة الخامسة هى الإفساد الناشئ عن فساد الحكام والقادة والزعماء، وهو الفساد الأكبر لأن الكبراء إذا فسدوا في أنفسهم فإنهم ينشرون الفساد بقوة نفوذهم واستخدام سلطاتهم وقوتهم وقد ذكر القرآن عن بلقيس قولها كما جاء فى سورة النمل “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون” وكثيرا ما يزعم الطغاة المتكبرون أن المصلحين هم أصحاب الفساد.

كما قال فرعون عن موسى عليه السلام كما جاء فى سورة غافر ” إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد” هذا بالرغم من أن فرعون نفسه كان مكثرا من الإفساد بكل أنواعه، ولا تشفع له الأبراج العالية والأصنام المنصوبة والقبور المشيدة فيما يطلق عليه الحضارة الفرعونية، فإنها جميعا شواهد على استبداد وسيطرة وطغيان الفراعين، الذين كانوا يطمعون أن ينقلوا معهم الثروات المسروقة من الشعوب المستضعفة إلى قبورهم، فقال الله تعالى فى سورة الفجر ” وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد” وقد وصف القرآن الكريم فرعون بالعلو والإفساد في الأرض كما جاء فى سورة القصص ” إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم، إنه كان من المفسدين”

ومثلما كان فرعون، مفسدا بنفوذه السياسي والعسكري، فقد كان قارون مفسدا بنفوذه المالي الاقتصادي، وقد كان قادرا على استعمال أمواله في الإصلاح في الأرض، ولكنه أبى إلا أن يستعمل نعمة الله في محاربة الله، وقد قال له الناصحون من قومه كما جاء فى سورة القصص” ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين، قال إنما أوتيته على علم عندي” وقد أوسع المتعالون من بني إسرائيل الأرض فسادا، فكلما زاد علوهم زاد فسادهم، فقال الله تعالى عنهم كما جاء فى سورة الإسراء ” وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا” وكثر فسادهم وإفسادهم حتى صار الإفساد ديدنهم، وصار طبيعة فيهم حتى أنهم لا يشعرون بذلك، فقال الله تعالى فى سورة البقرة ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى