مقال

اللهو في القرآن الكريم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن اللهو في القرآن الكريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 2 إبريل 2024

الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد ورد لفظ اللهو في القرآن الكريم، فهو مرض من أمراض القلب، وإذا بلغ موضع التأمل والتدبر والتفكر يعني القلب، إذا بها صفة لازمة له، وأيضا فهناك القلب المغمور، وكلمة غمر، قد تكررت في القرآن الكريم أربع مرات، وارتبطت بالقلب في قوله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” بل قلوبهم فى غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون”

والغمرة غطاء القلب عن فهم ما أودع الله كتابه من المواعظ والعبر والحجج، وبهذا قال الطبري ومجاهد، وإذا بلغ هذا المبلغ، فليس للقلب تعقل صحيح يفرق بين الحسن والقبيح، إلا بما تمليه الأهواء والرغبات الناتجة عن جهل، وإن من القلوب هو القلب المنكر، وقد وصف الله عز وجل القلب بقوله تعالى كما جاء فى سورة النحل ” فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون” وقال المفسرون في القلوب المنكرة إنها التي لا تقبل الوعظ، ولا ينجع فيها الذكر، فهم مستكبرون عن عبادة الله، مع إنكار قلوبهم لتوحيده، والمقصود أن القلب يتصف بالإنكار الناتج عن الكبر والحسد، لا لأجل شبهة أو إشكال، بل هي النفرة عن الرجوع إلى الحق، وهو أعلى درجة من القلب المغمور وأدنى درجة من الاشمئزاز.

وكذلك اشمئزاز القلب وقد نسب الاشمئزاز إلى القلب في كتاب الله، فقال تعالى فى سورة الزمر ” وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون” والاشمئزاز هو الانقباض، حالة تمر على القلب فيمتلئ غيظا وغمّا يظهر أثره على الجوارح، كما يشاهد في وجه العابس المحزون، يعني إذا سار القلب في مراحل الموت لا يسمع التوحيد، إلا وظهرت آثار النفرة على وجهه، وهذه مرحلة خطرة، وأيضا فإن هناك أكنة القلب، وأكنة القلب أو القلوب المكننة، نسب إلى القلب في القرآن الكريم في أربعة مواضع كما في قوله تعالى فى سورة الأنعام ” جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا” ومثلها في سورة الإسراء وفي سورة الكهف وفي فصلت، ويقال أكننته في نفسي، أى أسررته، والأكنة هى الأغطية.

ومنه قوله تعالى فى سورة الأنعام ” جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ” أى جعلنا على قلوبهم أغطية وغشاوة، مجازاة على كفرهم، ومنعنا الإيمان من أن يدخل قلوبهم وأسماعهم، ويعني مغاليق التفقه مقفلة عليه، وأبواب السمع مؤصدة، وغلاف الإدراك لا ينفذ إليه شيء، وهو أدنى درجة من الارتياب، وأيضا القلب المرتاب، وقد نسب الريب إلى القلب في مواضع متعددة، في مثل قوله تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم فى ريبهم يترددون” فالريب مرحلة متقدمة نحو الموت، فهو أعلى حالة المرض للقلب، فريب القلب هو وجود شيء واحد فقط، وهو جانب الكره، وهو ما تمكن في القلب واستولى عليه ولهذا نفاه الله عن المؤمنين، فقال الله تعالى فى سورة الحجرات.

” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون” والريبة تأكل القلب كما تأكل النار الحطب، وتميته تقطيعا، أو لا تزايله حتى تميته، وكذلك تقطيع القلب، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” لا يزالون بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم” وذكر بعض المفسرين أن القطع في القرآن على أحد عشر وجها، وأوصلها الفيروزابادي إلى اثني عشر وجها، منها زوال الرجاء والأمل، كما في قول الله تعالى ” أى يئسوا مما رجوا، وهناك تقطيع ذو مراحل فهو موت أجزاء القلب، فبحسب تفاوت المعصية يتفاوت الغطاء الذى يغشي القلب، حي لا يعي شيئا، ويسمى غلافا، ويوصم به القلب، فيقال قلب أغلف، وأغلفة القلب قد وردت في القرآن الكريم مرتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى