مقال

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث عشر “

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث عشر ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث عشر مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما كان بعد إسلام أبي بكر الصديق رضى الله عنه، بدأ يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن الكريم وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم جاء بعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، وكما دعا أبو بكر الصديق أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

ولما اجتمع أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا، فقد ألحَّ أبو بكر الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم، في الظهور، فقال ” يا أبا بكر إنا قليل ” فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبا والرسول صلى الله عليه وسلم، جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر الصديق وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضربا شديدا، ووُطئ أبو بكر الصديق وضُرب ضربا شديدا، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر الصديق، حتى ما يُعرف وجهه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون.

فأجلت المشركين عن أبي بكر الصديق، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة وهو والد أبي بكر، وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير، انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له أمه والله ما لي علم بصاحبك، فقال اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل وكانت تخفي إٍسلامها، فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله.

فقالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟ قالت نعم، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت والله إن قوما نالوا منك لأهل فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم، فقال أبو بكر فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت هذه أمك تسمع، قال فلا شيء عليك منها، قالت هو سالم صالح، قال أبو بكر أين هو؟ قالت هو في دار الأرقم، قال فإن لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمهلتا حتى إذا هدأت الحركة من الناس وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فأكب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقبله، وأكب عليه المسلمون.

ورق له الرسول صلى الله عليه وسلم، رقة شديدة، فقال أبو بكر الصديق ” بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار، فدعا لها النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاها إلى الله فأسلمت، وقد تضاعف أذى المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه مع انتشار الدعوة الإسلامية في مكة، وخاصة في معاملة المستضعفين من المسلمين، وقد تعرض بلال بن رباح لعذاب عظيم، ولم يكن له ظهر يسنده، ولا عشيرة تحميه، ولا سيوف تذود عنه،فعندما علم سيده أمية بن خلف بأنه أسلم، راح يهدده تارة ويغريه تارة أخرى، فأبى بلال أن يترك الإسلام، فحنق عليه أمية بن خلف وقرر أن يعذبه عذابا شديدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى