مقال

نفحات إيمانية ومع محمد رسول الرحمة والإنسانية “جزء 4” 

نفحات إيمانية ومع محمد رسول الرحمة والإنسانية “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع رسول الرحمة والإنسانية، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بزيارة المرضى، والشفقة عليهم، والعناية بهم، وإدخال الفرح على قلوبهم، وجاءت الكثير من الأحاديث النبوية التي تحث على ذلك، كقول النبي صلى الله عليه وسلم “من عاد مريضا لم يزل فى خرقة الجنة، قيل يا رسول الله وما خرقة الجنة؟ قال جناها” وكذلك عندما دخل النبى صلى الله عليه وسلم مكة بعد أن فتحها متواضعا، وعفوه عمن آذاه من المشركين، وعمن أخرجه وصحابته من ديارهم، وعدم الدعاء عليهم، وحرصه على دخولهم في الإسلام، فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه زار جارا يهوديا له، وطلب منه الدخول في الإسلام، فأسلم.

 

وفرح النبي عليه الصلاة والسلام بإسلامه وإنقاذه من النار، وكذلك ينطلق الهدي النبوي للرحمة بالحيوان في توازن يجمع بين منفعة الإنسان، وبين الرحمة والرفق، فيأمر برحمة الحيوان وعدم القسوة معه، ومن ثم فلا يسمح بالعبث بالحيوانات أو إيذائها أو تكليفها ما يشق عليها، ولا يوافق على قول بعض جماعات الرفق بالحيوان المعاصرة التي تدعو إلى منع قتل الحيوانات بالكلية، تذرعا بالرفق معها وحماية حقوقها، وكذلك بأنه لا يجوز تعذيبها ولا تجويعها، أو تكليفها ما لا تطيق، ولا اتخاذها هدفا يرمى إليه، بل وتحريم لعنها، وهو أمر لم ترق إليه البشرية في أي وقت من الأوقات، ولا حتى في عصرنا الحاضر، الذي كثرت فيه الكتابات عن الرفق بالحيوان.

 

وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم له مواقف مع الجمادات وأحداث كثيرة, فالجذع يحن على فراقه, والحصى يُسبح في كفه, والشجر تخط الأرض استجابة لطلبه، والماء ينبع من بين أصابعه، والحجر يُسلم عليه، والجبل يثبت من الاضطراب به وبصاحبيه، فهي معجزات، لصاحب الرسالة، وأدلة واضحة على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم، وعن جابر رضي الله عنه، أَن النبي صلى الله عليه سلم كان يخطب إلى جذع نخلة، فاتخذ له منبرا، فلما فارق الجذع، وغدا إلى المنبر الذي صُنع له، جزع الجذع فحن له كما تحن الناقة، وفي لفظ فخار كخوار الثور, وفي لفظ فصاحت النخلة صياح الصبي حتى تصدع وانش، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه.

 

فجعلت تئن أنين الصبي الذي يُسكن فسكن، وقال له الرسول صلى الله عليه سلم “اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه، فتكون كما كنت، وإن شئت أَن أغرسك في الجنة، فتشرب من أنهارها وعيونها، فيحن نبتك وتثمر فيأكل منك الصالحون، فاختار الآخرة على الدنيا” وقد قال الله تعالى واصفا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فى سورة التوبة ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم” فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس وأرأفهم بهم المؤمنين ومن لم يكن يدين بدين الإسلام أصلا، بل إن رحمته صلى الله عليه وسلم تعدت ذلك إلى الحيوان، والجماد، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال صلى الله عليه وسلم “لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت، وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ، ثم قال يا محمد، فقال ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى