مقال

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الهوية الإسلامية، ولذلك يُعد تعريف الفرد لذاته خيارا غاية في الصعوبة نظرا لاتساع العالم الاجتماعي من حوله، ولكن يمكن ذلك باكتشاف وتطوير مهارات الفرد الشخصية، ويمكن ذلك من خلال عملية التجربة والخطأ، ويتطلب تطوير هذه المهارات واكتشافها وقتا وجهدا وصبرا لمواجهة العقبات والإحباط الذي يمكن التعرض له أثناء ذلك، وكذلك معرفة الحاجة والهدف من الحياة شرط أن تكون هذه الأهداف متوافقة مع المواهب والمهارات، لكي يتجنب المرء الإحباط والشعور بالفشل، وأيضا خلق الفرص المناسبة لتجربة المهارات والأهداف، ولقد كان سعي الأعداء لطمس معالم هويتنا الدينية، ذات الصبغة المتميزة عن سائر الهويات.

 

في مخبرها ومظهرها، والتي تغرس في نفس المسلم روح الاعتزاز والتأبّي على الظلم والاحتلال هو الهدف الأهم، والغرض الذي يرون في تحقيقه نيل مرادهم، وإطفاء غيظ صدورهم، ولكي يحققوا هدفهم كان عليهم أن يعدوا خطة ذات اتجاهات متعددة، إلا أنها تسير في خطوات منسجمة مع بعضها البعض، وكان من أهمها أن يسيطروا على التعليم، ويمكنوا عملاءهم من إدارته، فإذا كانت وقائع التاريخ قد لقنت أعداء الأمة درسا خلاصته أن الأمة لن تركع لغازى مهما كانت قوته، طالما كانت متمسكة بدينها، لذا فقد عملوا على تغيير أسلوب غزوهم، ووضعوا خطة جديدة، تسعى هذه الخطة إلى ترويض أبناء الأمة على قبول الغزاة، والمحاولات الضيقة لا تجدي سريعا مع المستعمرين.

 

إذن كان لا بد أن يقوموا بعمليات واسعة النطاق، وهذه لا تتم إلا بالسيطرة على العملية التعليمية، فمن خلال منهج معد بإتقان من سن الطفولة إلى نهاية المرحلة الجامعية، يتخرج حفيد أبطال الإسلام، من أمثال أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والقعقاع، وأبي عبيدة، وخالد، وغيرهم من الصحابة الكرام والتابعين وهو ظبي جفول وديع قد قلمت هذه المناهج أظافره، وخضّدت شوكته، ولقد تم فضل الله تعالى، وعظيم إحسانه على خلقه ببعثة خاتم رُسله، وإظهار دينه على جميع الخلق، وكان لانتصار الإسلام على أصحاب الديانات والهويات الأخرى أعظم الأثر في نفوسهم، فكان منهم من أحس بعظمة الإسلام، فدخله بنفس راضية، واجتهد في تعلم العربية.

 

بل أقبل عليها بشغف، ليفهم القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من أكل الحقد قلبه، ولكنه لإدراكه قوة الإسلام، علم أن السبيل للقضاء على قوة المسلمين ليس في مواجهتهم بالسلاح، وإنما في استخدام المكر والحيلة، فأخذ يتظاهر بالإسلام، ومن خلال هذا التظاهر أخذ ينشر أفكاره القديمة، وآراءه التي تفرق وحدة المسلمين، وتضعف قوتهم،ةوقد اتخذ هذا الأسلوب بعض اليهود وبعض النصارى الذين أكل الحقد قلوبهم بسبب انتصار الإسلام عليهم، وإجلاء الرسول لهم من المدينة، ووصيته في آخر كلام له بإخراج يهود الحجاز ونصارى نجران من اليمن من جزيرة العرب، وقد تم إخراجهم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 

واختار لهم أرضا جديدة بين الشام والعراق، وكان ممن أكل الحقد قلبه كذلك، ولم يستطع أن ينتقم لدولته التي قوّض الإسلام أركانها مثل بعض أهل الفرس، وبعض أهل الروم، وبالأخص وهم كانوا ينظرون إلى العرب بعين الازدراء والاحتقار، ولعل مما يلفت النظر لمدى هذا الاحتقار تلك الكلمة الخبيثة، التي قالها ملك الفرس لما وصله كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “عبدي يكتب إليّ” وما كتبه يزدجرد إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قائد معركة القادسية، يقول له “إن العرب مع شرب ألبان الإبل وأكل الضب بلغ بهم الحال إلى أن تمنوا دولة العجم، فأفّ لك أيها الدهر الدائر” فبدأ هؤلاء الأعداء المتسترون في الإسلام يضعون الخطط، للتخلص من هذا الدين القوي، الذي قوّض أركان دولتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى