مقال

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع كلام المصطفي العدنان ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

إن الاتباع هو الاقتداء والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقادات والأقوال والأفعال والتروك، مع توفر القصد والإرادة في ذلك كله، فيقول الله تعالى فى سورة الأحزاب “لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر الذي توزن عليه الأعمال فمهما قال قائل قولا أو فعل فعلا أو ادعى دعوى فلا قيمة لها حتى تزن كلامه وفعله بالميزان الأكبر وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل أنت ممن أطاع البشير النذير؟ وهل أنت ممن أجاب الداعي صلى الله عليه وسلم؟ وهل أنت ممن استجاب لتحذيره فحمى نفسه نار جهنم؟ وقبل أن تعجل بالإجابة انظر إلى أقوالك وأعمالك هل هي وفق شريعته وما جاء به؟

 

فيا سعادة من أطاعه واتبعه ويا خزي وندامة من خالف أمره وعصاه، فإن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم صدقا هم أشرح الناس صدرا وأهنؤهم عيشا وأسعدهم حياة وأثبتهم قلبا وأسلمهم ضميرا ولو أصابهم من المحن والابتلاء ما أصابهم، والسبب في ذلك هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر واتساع القلب لذلك قال الله تعالى ” ألم نشرح لك صدرك” فعلى حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره ولذة روحه ما ينال، وقال تعالى فى سورة النور ” وإن تطيعوه تهتدوا” وقال صلى الله عليه وسلم “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما” متفق عليه.

 

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّه كل شيء حتى الجمادات، الجذع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عليه لما اتخذوا له منبرا حن الجذع وبكى لفراق الحبيب عليه الصلاة والسلام، فكان الحسن البصرى يقول ” يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله شوقا إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه ” فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم سبب السعادة كما أن ترك ذلك سبب الشقاوة، لذلك أمرنا الله تعالى بطاعته طاعة مطلقة، فقال تعالى فى سورة الحشر “ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” وقال تعالى فى سورة النساء ” ومن يطع الرسول فقد أطاع الله” وقد نص الشافعي رحمه الله في الرسالة على أن سنة رسوله موجودة عند عامة أهل العلم.

 

وإن كان بعضهم أجمع من بعض، فإذا جمع علمهم جميعا أتى عليها كلها، ويتبيّن مما تقدم أن ليس لنا عن السنة غناء، وأن بيانها للقرآن أمر واجب لا مندوحة عنه، استوجبته صياغة القرآن الكريم ودلالاته وطرائق بيانه، وأن القرآن قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم على أساس أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ببيانه، كما يدل على ذلك ما جاء به القرآن في هذا المعنى من آيات أشرنا إلى بعضها فيما سبق ذكره، وأنه سبحانه وتعالى قد أوحى إليه بهذا البيان، وأمره بتبليغه، وإنه ليرى أن بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في العبادات مما قام عليه الدين من أركان، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، جاء كذلك في بيان ما حواه القرآن الكريم من الأصول العامة، والقواعد الكلية، التي أسست عليها الأحكام الشرعية الفرعية.

 

سواء منها ما تعلق بالمال، كالبيع، والربا، والتجارة، وما تعلق باقتراف المحرمات، كالسرقة، والزنا، وقتل النفس، والاعتداء على المال، وما إلى ذلك، وبيانها في الحالين، وأمرها فيهما ونهيها سواء، فإذا كان واجب الطاعة والاتباع وجوبا مطلقا غير مقيد بوقت في الحال الأولى، فهو كذلك في الحال الثانية، لتساويهما في المصدر، وتساويهما في الدلالة، وتساويهما في بيان ما أمر به الله في كتابه، وتساويهما في الحكمة والغاية، وإذا لم يكن ما أمر به الله في كتابه مؤقتا، فكذلك بيانه يجب ألا يكون مؤقتا، لأن البيان ملحق بالمبين، تابع له ولازم لا ينفك عنه، وبهذا يظهر زيف ما يهرف به المخالفون المنحرفون من أن بيان السنة للقرآن إذا كان متعلقا بالعبادات وأصول الدين كان بيانا مطلقا واجب الاتباع دائما ما دام للمبين قيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى