مقال

حادثة الإفك فى العصر النبوي “جزء 1”

حادثة الإفك فى العصر النبوي “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يقترع بين نسائه قبل كل غزوة، فمن خرج سهمها منهن رافقته، وقد خرج سهم أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها في غزوة بني المصطلق، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم، من غزوته تجهّز الجيش للمسير، فأرادت السيدة عائشة رضى الله عنها، قضاء بعض حوائجها، ثم عادت لتجد نفسها قد فقدت عقدا، فلما ذهبت تبحث عنه سار الركب، وقد حُمل هودجها على الجمل، ولم يشكوا بخفة الهودج، فقد كانت السيده عائشة رضى الله عنها، نحيلة خفيفة الوزن.

 

وعادت السيدة عائشة، وجلست في مقامها تنتظر عودة من يسأل عنها، فأخذها النعاس فنامت، فإذا بالصحابي صفوان بن المعطل يلحظها، وكان مأمورا بالتأخر عن الجيش لاستطلاع الطرق وإخبار الجيش إذا ما أراد الأعداء مباغتتهم من الخلف، فأتى إلى السيده عائشة، فعرفها، وهى أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج بِكرا سواها، وهي الثالثة من بين أمهات المؤمنين، وقد تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة بسنتين.

 

ويقال أن عمرها ست سنوات، وقد كان لملازمتها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي في هذا السن الصغير أثر كبير في نقلها لعدد كبير من الأحاديث النبوية، ولا سيما في أمور الأسرة، وكان الخلفاء وكبار الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، يسألونها عما يشكل عليهم من الأحكام، فكانت فيهم فقيهة وفصيحة وعالمة في أمور الدنيا والدين، وفعندما عرفها الصحابى صفوان بن المعطل، أناخ لها الجمل فركبت، والتحقا بالركب، وبدأت هنا قصة حادثة الإفك.

 

فقد استغل رئيس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول تأخر السيدة عائشة رضى الله عنها، ووصولها مع صفوان، وبث تهمة ارتكاب السيدة عائشة لفاحشة الزنا، وقد سار المنافقون بالكلام، ووقع به بعض الصحابة، واهتم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هما كبيرا، فقد رافق كلام الناس انقطاع في الوحي، وكانت السيدة عائشة حينها تعاني من مرض أصابها، فلم يصلها خبر التهمة إلا بعد شهر تقريبا، فلما عرفت واصلت الليل بالنهار باكية إلى أن نزلت براءتها في القرآن.

 

وعن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيّب، وعلقمة بن وقاص، وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا، فقالت رضى الله عنها ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، معه، فقالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ما نزل الحجاب.

 

فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما نأكل العلقة من الطعام.

 

فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمّرت وجهي بجلبابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى