مقال

الدكروري يكتب عن موقعة عين جالوت ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن موقعة عين جالوت ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

معركة عين جالوت هي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي والتي حدثت في الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام ستمائة وثماني وخمسين من الهجرة، الموافق الثالث من شهر سبتمبر لعام ألف ومائتان وستين من الميلاد، إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا ووقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، حيث سقطت الدولة الخورازمية بيد المغول ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أياما فاستبيحت المدينة وتم قتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين وخضعت لهولاكو، وكانت مصر في تلك الفترة تئن من الصراعات الداخلية والتي انتهت باعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر سنة ستمائة وسبع وخمسين من الهجرة، سلطانا لمماليك مصر، فبدأ بالتحضير لمواجهة التتار، فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم.

 

ثم أصدر عفوا عاما عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي بمن فيهم بيبرس، ثم طلب من العز بن عبد السلام إصدار فتوى تشرع له جمع الضرائب على سكان مصر بعد أن واجهته أزمة اقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش، وكان له ما أراد وأصدر العز بن عبد السلام فتوى تجيز جمع الضرائب بشروط خاصة ومحددة، ما إن انتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت الذي يقع تقريبا بين مدينة بيسان شمالا ومدينة نابلس جنوبا في فلسطين، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي، وكانت الغلبة للمسلمين، واستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب بيسان، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وانتصر المسلمون انتصارا عظيما، وتم إبادة جيش المغول بأكمله، وكان لمعركة عين جالوت أثرا عظيما في تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة الشام.

 

فقد تسببت خسارة المغول في المعركة من تحجيم قوتهم، فلم يستطع القائد المغولي هولاكو الذي كان مستقرا في تبريز من التفكير بإعادة احتلال الشام مرة أخرى، وكان أقصى ما فعله ردا على هزيمة قائده كتبغا هو إرسال حملة انتقامية أغارت على حلب، وكانت بداية تأسيس إمبراطورية المغول سنة ستمائة وثلاث من الهجرة، الموافق عام ألف ومائتان وست ميلادي، في منغوليا على يد جنكيز خان، فتمددت حتى بلغت حدودها كوريا شرقا إلى حدود الدولة الخوارزمية غربا، ومن سهول سيبيريا شمالا إلى بحر الصين جنوبا، ثم بدأت بالتوسع غربا حيث سقطت خوارزم سنة ستمائة وستة عشر من الهجرة، المواف عام ألف ومائتان وتسعة عشر ميلادي، فسقطت المدن بيدهم الواحدة تلو الأخرى، حيث سقطت بخارى، ثم سمرقند ثم اجتاحوا إقليم خرسان وخوارزم، وكل ذلك كان في سنة واحدة، وفي سنة ستمائة وسبعة عشر من الهجرة، سقطت أذربيجان وهمدان وتبريز وداغستان والشيشان.

 

وتولى أوقطاي خان الحكم بعد جنكيز خان فضم إقليم فارس إلى المغول، وفي سنة ستمائة وتسع وأربعين من الهجرة، الموافق عام ألف ومائتان وإحدي وخمسين ميلادي، تولى الحكم منكو خان، فعين هولاكو واليا لإقليم فارس وبعد خمس سنوات بدأ هولاكو في حصار بغداد في شهر محرم عام ستمائة وست وخمسين من الهجرة، ولم يدم الحصار شهرا واحدا حتى سقطت بغداد ومعها الخلافة العباسية واستبيحت بغداد وقتل الخليفة المستعصم بالله، وتوجه بعدها هولاكو إلى حصار ميافارقين التي يتحصن فيها الكامل محمد الأيوبي، والتي ما لبثت أن سقطت، ثم توجه صوب حلب فأمر الناصر يوسف بتسليمها إليه ولكن الناصر رفض، فدخلها سنة ستمائة وثماني وخمسين من الهجرة، ثم دخل حماة ودمشق في نفس العام، ولكن مالبث أن رجع هولاكو إقليم فارس ووكل قائده كتبغا إكمال الحملة، حيث تمكن من احتلال جميع مدن فلسطين التي لا تخضع للصليبيين.

 

وتوفي الملك الصالح أيوب في ستمائة وسبع وأربعين من الهجرة، وهو خارج إلى المنصورة لملاقاة لويس التاسع صاحب الحملة الصليبية السابعة، فتولى قيادة الجيش كلا من بيبرس وفارس الدين أقطاي حيث تم لهم النصر في معركة المنصورة، وتولى توران شاه الحكم خلفا لأبيه، ولكنه قتل بعد أربعة أشهر من توليه الحكم، فحدث فراغ سياسي كبير بعد مقتله، فليس هناك أيوبي مؤهل لقيادة الدولة، عندها أعلنت شجرة الدر بالتعاون مع المماليك حاكمة لمصر، ولكن الرفض عم أرجاء العالم الإسلامي بعد سماعه الخبر، فتزوجت عز الدين أيبك ثم تنازلت له عن الحكم، وأصبح أول سلاطين مماليك مصر، استقر بعدها الحكم لأيبك واعترف به الخليفة العباسي المستنصر بالله، ولكن بدأت الصراعات بين المماليك في النشوب، ماأدى أن قتل أيبك زعيم المماليك فارس الدين أقطاي، فهرب المماليك الآخرين وعلى رأسهم بيبرس من مصر، ثم مالبث أن قتلت شجرة الدر زوجها أيبك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى