مقال

الدكروري يكتب عن أعظم علاجات المرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم علاجات المرض
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إذا رأيت ما يضيق به صدرك فعليك فالرقية الشرعية بالقرآن الكريم وبما ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإكثار من فعل الطاعات كالصدقة وإعانة الفقراء والمساكين والوقوف مع المحتاجين وسائر أنواع الخير والقربات، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله في الزاد “ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان، والذكر والدعاء والتضرع إلى الله والتوبة، والتداوي بالقرآن الكريم، وتأثيره أعظم من الأدوية، لكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه ” واعلم أن الشفاء هو بيد الله جل وعلا وحده لا شريك له، لذا قال الخليل إبراهيم عليه السلام كما أخبر عنه العزيز العلام “وإذا مرضت فهو يشفين” ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه”

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا يقول ” أذهب البأس رب الناس، اشفه أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما” رواه البخاري ومسلم، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله ” ففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته ” وهذا لا يعني أنك لا تبذل الأسباب المشروعة للعلاج كزيارة الأطباء وتناول الأدوية فذلك مطلوب، ولا منافاة أبدا بين اتخاذ الأسباب مع الاعتقاد أنها ليست مؤثرة بذاتها، وبين الصبر والتوكل على العزيز الوهاب، ولكن احذر أشد الحذر من اللجوء إلى وسائل غير مشروعة في العلاج أو استعمال أدوية محرمة، لأن ذلك من الآثام و ليس من دين الإسلام.

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداوو بحرام” رواه أبو داود، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله “وها هنا سر لطيف في كون المحرمات لا يستشفى بها، فإن شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء، فإن النافع هو المبارك، وأنفع الأشياء أبركها، والمبارك من الناس أينما كان هو الذي يُنتفع به حيث حل، ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها وبين حسن ظنه بها، وتلقي طبعه لها بالقبول، بل كلما كان العبد أعظم إيمانا كان أكره لها وأسوأ اعتقادا فيها، وطبعه أكره شيء لها، فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء” وتذكر أن من رحمة الباري جل وعلا ولطفه بعباده المؤمنين.

أنه سبحانه يكتب لهم أثناء مرضهم أجر ما كانوا يعملون من الأعمال الصالحة في حال الصحة، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحا” رواه البخاري، وقال ابن بطال رحمه الله ” وليس هذا الحديث على العموم، وإنما هو لمن كانت له نوافل وعادة من عمل صالح فمنعه الله منها بالمرض أو السفر وكانت نيته لو كان صحيحا أو مقيما أن يدوم عليها ولا يقطعها فإن الله يتفضل عليه بأن يكتب له أجر ثوابها حين حبسه عنها، فأما من لم يكن له تنفل ولا عمل صالح فلا يدخل في معنى الحديث لأنه لم يمنعه مرضه من شيء فكيف يكتب له ما لم يكن يعمله” واعلم أن الله جل وعلا لعله ابتلاك بالمرض لتعرف قيمة الصحة والعافية، فهذه النعمة العظيمة لا يعرفها إلا من فقدها.

فإذا منّ الله عليك بعد ذلك بالصحة فاغتنمها واستغلها فيما يعود عليك بالنفع في الدارين بإذن رب العالمين، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه ” اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم، ويقول المناوي رحمه الله “اغتنم خمسا قبل خمس” أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة، حياتك قبل موتك أي اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك، فإن من مات انقطع عمله وصحتك قبل سقمك أي العمل حال الصحة فقد يعرض مانع كمرض، وفراغك قبل شغلك أي فراغك في هذه الدار، وقبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر وشبابك قبل هرمك أي فعل الطاعة حال قدرتك وقوتك قبل هجوم الكبر عليك وغناك قبل فقرك أي التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تتلف مالك، فتصير فقيرا في الدارين، فهذه الخمسة لا يُعرف قدرها إلا بعد زوالها”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى