مقال

نسائم الايمان ومع ركائز الإيمان “الجزء الثامن

نسائم الايمان ومع ركائز الإيمان “الجزء الثامن”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع ركائز الإيمان، وإن من الواجب أيضا هو العناية بأهل البيت، وتعليم أهل البيت، من إخوة وأخوات وبنين وبنات وغيرهم، فكل واحد من الطلبة والعلماء، الواجب عليه أن يعتني بأهل بيته، وأن يرشدهم ويعلمهم حتى يستفيدون من علمه وفضله، وأعماله الطيبة، ويعتبر الإسلام أن العلم فرض كفاية، وحسبنا أن نشير في هذا الصدد إلى مايقوله الإمام الغزالى منذ تسعة قرون في كتاب”إحياء علوم الدين” تحت عنوان ” بيان العلم الذي هو فرض كفاية” أما فرض الكفاية فهو من العلوم المحمودة فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان، وكالحساب فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا.

 

والمواريث وغيرها وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد ممن يقوم بها لحرج فلا يتعجب من قولنا إن الطب والحساب من فروض الكفايات، فإن أصول الصناعات أيضا من فروض الكفايات كالفلاحة والحياكة وغيرها، ولقد ابتكر المسلمون علوما جديدة لم تكن معروفة قبلهم وسموها بأسمائها العربية كعلم الكيمياء وعلم الجبر وعلم المثلثات ومن مطالعاتنا للتراث العلمي الإسلامي نجد أن علماء المسلمين قد ابتكروا المنهج العلمي في البحث والكتابة، وكان يعتمد على التجربة والمشاهدة والاستنتاج وأدخل العلماء المسلمين الرسوم التوضيحية في الكتب العلمية ورسوم الآلات والعمليات الجراحية ورسم الخرائط الجغرافية والفلكية المفصلة وقد ابتدع المسلمون الموسوعات.

 

والقواميس العلمية حسب الحروف الأبجدية وكان لاكتشاف صناعة الورق وانتشار حرفة الوراقة في العالم الإسلامي فضل في انتشار تأليف المخطوطات ونسخها وقد تنوعت المخطوطات العربية بين مترجم ومؤلف، ولم تكن المكتبات الإسلامية كما هي في عصرنا مجرد أماكن لحفظ الكتب، بل كان في المكتبة الرئيسية جهاز خاص بالترجمة وآخر خاص بالنسخ والنقل وجهاز بالحفظ والتوزيع وكان المترجمون من جميع الأجناس الذين كانوا يعرفون العربية مع لغة بلادهم ثم كان يراجع عليهم ترجماتهم، علماء العرب لإصلاح الأخطاء اللغوية أما النقلة والنساخون فكانت مهمتهم إصدار نسخ جديدة من كل كتاب علمي عربي حديث أو قديم وكانت أضخم المكتبات.

 

هي الملحقة بالجامعات والمساجد الكبرى ففي دمشق وبغداد وفي القاهرة وفي جامعة القيروان وقرطبة، وجامعة القرويين التي تعد أقدم الجامعات الموجودة في العالم، كانت المخطوطات بهم بالآلاف في كل علم وفرع من فروع العلم وكانت كلها ميسرة للاطلاع أو الاستعارة فكان يحق للقاريء أن يستعير أي كتاب مهما كانت قيمته وبدون رهن لهذا كانت نسبة الأمية في هذا الوقت، تكاد تكون معدومة وكان تعلم القرآن كتابة وقراءة إلزاميا بينما كانت نسبة الأمية في أوروبا فيما بين القرن التاسع وحتي القرن الثانى عشر أكثر من خمسة وتسعون بالمائة ويقول المستشرق آدم متز في كتابه الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، أن أوروبا وقتها لم يكن بها أكثرمن عدد محدود.

 

من المكتبات التابعة للأديرة، ولا يعرف التاريخ أمة اهتمت باقتناء الكتب والاعتزاز بها كما فعل المسلمون في عصور نهضتهم وازدهارهم فقد كان في كل بيت مكتبة وكانت الأسر الغنية تتباهي بما لديها من مخطوطات نادرة وثمينة وكان بعض التجار يسافرون إلى أقصى بقاع الأرض لكي يحصلوا على نسخة من مخطوط نادر أو حديث وكان الخلفاء والأثرياء يدفعون بسخاء من أجل أي مخطوط جديد، وقد تم تطوير أساليب علمية مبكرا في العالم الإسلامي، وحدث تقدم كبير في المنهجية، ولا سيما في القرن الحادي عشر الميلادي وذلك من خلال أعمال ابن الهيثم، والذي يعتبر رائدا في الفيزياء التجريبية، وأهم تطور في المنهج العلمي هو استخدام التجريب والقياس الكمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى