مقال

نفحات إيمانية ومع الإيمان واليقين ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع الإيمان واليقين ” الجزء الخامس ”
إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الإيمان واليقين، وقد توقفنا عندما قالت البنت لأبوها أرى وجهك يتهلل وتعلوه البسمة والسعادة، فقص عليها القصة فبكت البنت، وكانت صالحة ورفعت يديها إلى السماء لتدعو الله جل وعلا وتقول أسأل الله أن يسعدك بشفاء مرضك، كما أسعدت هذه المرأة وأولادها، واستجاب الملك، وسافر الرجل بعد إصرار من أهله وهو الذي شعُر بالتحسن الكامل، وأمام أطبائه في الخارج صرخ طبيبه الذي يعلم حالته وقال ما هذا؟ فنظر إليه وقال ما الذي حدث؟ قال من الذي بذل لك العلاج بهذه الصورة؟ وعند أي الأطباء قد تعالجت وطلبت العلاج؟ فبكى الرجل بين يديه وقال تاجرت مع الله فشفاني الله جل وعلا، بين غمضة عين وانتباهتها، فهذا هو طريق السعادة.

وهذا هو طريق السعادة يا أصحاب الأموال والمناصب، فإنكم لن تشعروا بالسعادة في الدنيا والآخرة إلا إذا سلكتم هذا الطريق، وكيف ترجو السعادة إن كنت من أهل الكسب الحرام، وإن خيل لك ذلك وأنت تتعاطى الربا مثلا فاقرأ قوله تعالى “يمحق الله الربا” وليست عقوبة الآخرة أقل من الدنيا فيقول تعالى فى سورة البقرة “الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس” فيا ابن آدم بشكل عام احذر خطوات الشيطان تكن سعيدا في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، واتخذه عدوا، تشعر بالسعادة عاجلا وأنت واجد ذلك آجلا والله يقول “ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدون مبين” ويا ابن آدم في طباع النفس من الهلع والجزع والشح والبخل.

ما يقعد بها عن السعادة، وفي تعاليم الإسلام ووصايا القرآن ما يهذبها وتضمن سيرها إلى الله عز وجل، وإن كثيرا من الناس يعيشون في شيء يسمى وهم السعادة فبعضهم يظنها في المال والبعض الأخر يظنها المنصب وأخر يظنها في الشهر و كلها أوهام لا يقف على حقيقتها إلا أولوا الأفهام، وقد أشار القرآن الكريم إلى شقاء أصحاب الأموال الذين لا يتقون الله تعالى في جمعها وإنفاقها، ومعرفة حق الله عز وجل فيها، ويحكى أن أحد الأثرياء كان لديه خادم يحرس القصر الذي يسكن فيه ذلك الثري, فكان هذا الثري في قصره الكبير لا يحس بطعم الراحة فهو مريض يتناول الأدوية قبل الأكل وفي وسطه وفي آخره, بل يظل طوال الليل يتقلب من الألم ولا يستطيع النوم.

وذاك الخادم الفقير يسكن بجوار باب القصر في غرفة صغيرة هو وزوجته وأولاده, فيظلون إلى منتصف الليل يضحكون ويصفقون ويغنون, فقال الثري في نفسه هؤلاء لا يملكون إلا قوت يومهم ويعيشون في هذه السعادة فما بالهم لو كان معهم بعض المال, فذهب إليهم ذات يوم وقال لهذا الحارس سأعطيك كل يوم خمسون جنيها تشترى بها بيضا وتجلس تبيعه أما القصر ونتقاسم المكسب، وفي الليلة الأولى سمعهم يضحون ويغنون ولكن إلى ما بعد العشاء بساعة وليس إلى منتصف الليل, وفي الليلة الثانية سكتت أصواتهم بعد العشاء مباشرة، وفي الليلة الثالثة سمع أصوات الشجار والصراخ, ثم دخل عليه ذلك الحارس المسكين ومعه ما تبقى من البيض وما كسب من مال.

وقال له يا سيدي هذا بيضك ومالك, ودعنا نعود إلى حالنا السابق من الضحك والغناء , فلقد أفسد علينا المال سعادتنا، وإن هناك أيضا وهم السعادة في المنصب والجاه، وقد يظن البعض أن السعادة في الجاه والسلطان والمناصب والولايات، وهذا فهم وظن خاطئ أيضا، فأهل الجاه والسلطان والمناصب البعيدين عن الله، هم في شقاء وتعاسة وهم ونكد وعناء وهم وبلاء ، ومع ذلك لا راحة ولا أمن، فتأملوا عباد الله في أحوال الخلفاء والملوك كيف فقدوا السعادة، فقال هشام بن عبد الملك وهو الخليفة “عددت أيام سعادتي فوجدتها ثلاثة عشرة يوما”وكان أبوه عبد الملك يتأوه ويقول يا ليتني لم أتولى الخلافة، فكان سعيد بن المسيب يقول عندما يسمع هذا الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى