مقال

نفحات إيمانية ومع المؤمن بين الحياة والموت “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع المؤمن بين الحياة والموت “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع المؤمن بين الحياة والموت، وحينما حضر المأمون الموت قال أنزلوني من على السرير، فأنزلوه على الأرض، فوضع خده على التراب وقال يا من لا يزول ملكه، ارحم من زال ملكه، فأين أصحاب المعاصي ومقترفوا الذنوب، ومرتكبوا الآثام عن تذكر الموت، الذي قطع كل لذة في هذه الحياة الدنيا، الموت الذي لا يفر منه مطلوب، ولو أغلق الحواجز، ووضع الجنود، فقال الله تعالى ” أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ” وحين سألوا المسيح عليه السلام كيف نعرف المؤمنين؟ قال من ثمارهم تعرفونهم، أيثمر الشوك عنبا، أو العليق تينا؟ فلم يكن النظام الاجتماعي الذي وضعه الإسلام لتحيا به المجتمعات كلها.

 

على اختلاف أزمنتها وأمكنتها، لم يكن هذا النظام الاجتماعي اليوم نظاما عقليا بحتا، أو نظاما عقليا تمده عاطفة الإيمان فحسب، فإنه مع كونه نظاما عقليا راشدا يغذيه القلب المؤمن، والفطرة الصحيحة التي فطر الله تعالى عليها الإنسان، مع كل هذا فإنه نظام مجرّب، صنع حضارة عريقة، ثم كان هذا النظام في ذاته حضارة كبيرة في المجتمعات المسلمة، والمعنية به كنظام شامل يربط بين أفراد المجتمع الواحد، فيجعلهم وحدة واحدة تشيد حضارة واحدة، فالنظام الاجتماعي الإسلامي نظام معتدل، لا يخالف الفطرة، ويرتضيه العقل البشري، ثم يغذيه القلب المؤمن، فيكون في النهاية نظاما حيا، وحضارة واحدة، ثم يثمر أو يصنع حضارات مادية ومعنوية.

 

ولأن النظام الاجتماعي في كل أمة هو لبنة وجودها الأولى، وهو كذلك أساس بنائها الحضاري فقد اعتنى الإسلام بالنظام الاجتماعي، وجعل مفرداته عبادات يتقرب بها المسلم إلى الله كالصلاة والزكاة والصوم والحج، بل وجاء الحث عليها أعظم من الحث على العبادات فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أَحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد”

 

قال ابن عمر يعني مسجد المدينة، شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام” رواه الطبراني، ويقف الإسلام لكل مرض أو آفة من شأنه أو شأنها إضعاف الكيان المسلم الواحد، الذي هو المجتمع، فيبترها بترا تاما ليصلح الجسد الواحد، ويأتى بالثمار المرجوة لاجتماعه، فيقول الله تعالى فى سورة الحجرات ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” فجمعت الآيات بين أمره تعالى بالتبيّن من نبأ الفاسق.

 

وبالإصلاح بين الطائفتين المسلمتين، وبقتال الفئة الباغية منهما، واجتناب الظن، وبين نهيه تعالى عن السخرية واللمز والتنابز والتجسس والغيبة، فكانت أوامر ونواهي محورية، تحفظ على الجماعة وحدتها، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلمِ على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه” رواه مسلم، وكان المبدأ الذي يقوم عليه النظام الاجتماعي في الإسلام هو تحقيق الإخاء الديني بين أفراد المجتمع المسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى