مقال

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع حق اليتيم فى الإسلام، ويطلق لفظ اليتيم على مَن فَقد أباه قبل البلوغ، وأساس وأصل اليُتم الانفراد، والحاجة، والغفلة، اليتيم في الاصطلاح الشرعى هو يطلق لفظ اليتيم على مَن فقد أباه، بسن صغيرة، أي قبل سن البلوغ، استدلالا بما ثبت عن الإمام على بن أبي طالب رضى الله عنه ” لا يتم بعد احتلام” وقد يطلق لفظ اليتيم مجازا على الرجل الذي فقد زوجته، أو المرأة التي فقدت زوجها، وأكملا حياتهما برعاية الأطفال، وقضاء حاجاتهم، دون حاجة للآخرين، وقد دلت العديد من المواضع في القرآن الكريم على ضرورة الحرص والعناية باليتيم، وأما الحرص على مراعاة اليتيم والإهتمام به من صفات خير الناس وأصفاهم.

 

ومما يدل على سمو منزلة اليتيم، فقد قال الله تعالى في قصة نبيه موسى عليه السلام مع الرجل الصالح الخضر عليه السلام كما جاء فى سورة الكهف ” وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ” وعن أبو الدرداء الأنصارى قال النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟ قال أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك” رواه الطبرانى، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال” وضع يده على رأس يتيم رحمة، كتب الله له بكل شعرة مدت على يده حسنة” رواه الإمام أحمد.

 

ولقد اهتم القرآن الكريم باليتيم وبيّن أهمية رعايته وحفظ حقوقه في أوائل الآيات التي نزلت على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى ” أرأيت الذى يكذب بالدين، فذلك الذى يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين” ويدل النص القرآني الكريم على إنكار سلوك من يسيء إلى اليتيم وينتقص من كرامته، وربط ذلك بالدين، دلالة على خطورة الأمر، ومن عظيم اهتمام القرآن الكريم باليتيم أن ذكره في معرض الحديث عن أركان الإيمان، دلالة على أهمية البر باليتيم، فقال تعالى ” ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب”

 

وقد ورد ذكر اليتيم في القرآن الكريم ثلاثا وعشرين مرة في مواضع مختلفة، وإن من حقوق اليتيم التي نصّت عليها الشريعة الإسلامية هو الإحسان إليه والرحمة وإن الإحسان إلى اليتيم من الأمور المقررة في كافة الكتب والرسالات السماوية، فقد قال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ” وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذى القربى واليتامى والمساكين” وإن الإحسان إلى اليتيم له عدة مجالات، من أهمها هو تنمية مال اليتيم وحفظه من التعدى والضياع والهدر، والتحذير من أكله بالباطل، وكذلك رعاية الأنثى اليتيمة، وحفظ كافة حقوقها، وعدم التعدي على أي حق من حقوقها المتعلقة بالزواج، حين بلوغها سن الزواج.

 

فقال الله تعالى ” وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط” وكذلك الإحسان إلى اليتيم في الأقوال والأفعال، وتجنب قهره أو ذله أو التعدى عليه، ومراعاة الجوانب الإنسانية لدى اليتيم وتنشئته تنشئةً سويةً كريمة، وتربيته على القيم والأخلاق الفاضلة، وتعويضه بالقدر الكافي عما فقده من الحب والحنان بموت أبيه، ويترتب على ذلك الثواب العظيم ومرافقة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأيضا الحرص على تعليمه وتربيته وتهذيبه، ولا يتعارض ذلك مع أهمية توجيهه وتعديل سلوكه وردعه عن الانحراف السيئ إن وقع منه في القول أو العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى