مقال

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع مشروعية صيام رمضان، ومن خصائص هذا الشهر أن فيه ليلة القدر الموصوفة بأنها ليلة مباركة، وأنها خير من ألف شهر، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، وأنها تتنزل الملائكة، وأنها سلام حتى مطلع الفجر، وغير ذلك من أوصافها العظيمة الدالة على عظم شأنها، وكثرة ما فيها من الخير والبركة لأهل الإيمان، وإن عظم شأن العمل الصالح فيها عند الرحمن، وما فيها من الأوامر الحكيمة المؤثرة على الإنسان والأكوان، فشهر فيه هذه الليلة شهر عظيم، ومقداره عند الله كبير، وللعمل الصالح فيها عند الله مقام على يُعلى صاحبه، ومما خص الله به شهركم مما يرفع ذكرهم ويُعظم ذكرهم أنه شهر يضاعف الله فيه العمل ويضاعف فيه الثواب، كما في الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم “من أدى فيه نافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه”

 

وفي الحديث القدسي الصحيح يقول الله تعالى ” كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، يقول الله إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به” فجعل الله سبحانه جزاء الأعمال مضاعفا، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم، فجعل جزاءه عليه ولم يقيده بعدد، مما يدل على عظيم ثوابه، وأنه لا يعلمه إلا الله عز وجل، وكيف لا والصوم نوع من الصبر؟ فالصوم يقع في شهر الصبر، وقد قال تعالى فى سورة الزمر ” قل يا عبادى الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعه إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” ومما خُصصتم به في شهر رمضان أنه يكثر فيه العتق من النار، فإن لله تعالى فى كل ليلة من رمضان عتقاء من النار، فإن كان في آخر ليلة منه، أعتق الله تبارك وتعالى من النار مثل ما أعتق من أوله إلى آخره.

 

فما أكثر العتقاء من النار، وما أكثر من يسجل في هذا الشهر فى عداد سكان جنات تجري من تحتها الأنهار، فاغتبطوا بفضل ربكم، واستبقوا خصائصه طيلة شهركم تفوزوا بما وعدكم في ذكركم، والصيام جائز، ولكن هل يشترط التتابع بالقضاء؟ وهو أن الأفضل فى القضاء التتابع إن كان الصيام قد فات بعذر، وإن فات الصيام بلا عذر فالتتابع واجب لأن القضاء فى هذه الحال على الفور، والتفريق يخل بالفورية، ومع ذلك لو فرق أيام القضاء كفاه ذلك، لكنه يكون آثما لإخلاله بشرط الفورية والتتابع، وأيضا فهل يمسك سائر اليوم من أفطر فى صوم النذر أو القضاء؟ فإنه من صام نذرا أو قضاء يحرم عليه أن يفطر إلا لعذر شرعى، فلو أفطر أثم، ولا يجب عليه إمساك بقية اليوم لأن الإمساك احترام لشهر رمضان فقط لا غير، وأيضا من تلبّس بصوم قضاء هل له قطعه؟

 

وأنه من تلبّس بصوم قضاء حرم عليه قطعه، فلو قطعه لغير عذر فقد أثم، ويبقى قضاء رمضان متعلقا فى ذمته، ولكن هل يثاب من أمر بالإمساك؟ وهل يعتبر فى صوم شرعى؟ وهو من وجب عليه الإمساك فأمسك يثاب على طاعته بالإمساك لأن الواجب يثاب فاعله، لكن لا تنطبق عليه بقية أحكام الصيام، فلا يكره له السواك بعد الزوال ولا تعجيل الفطر ولا غيرها من الأحكام، وهل تستأذن المرأة زوجها في صوم القضاء؟ وعلى المرأة أن تستأذن زوجها في صوم القضاء ما دام وقت القضاء واسعا، أما إن ضاق وقت القضاء، كأن بقى من شعبان ما يكفي للقضاء فقط فلا تستأذنه، بل تصوم لأن أمر الله تعالى مقدم على رضا الزوج، ولكن ما مقدار إطعام المسكين في الفدية والكفارات؟ فإن إطعام المسكين ستمائة جرام من القمح أو الأرز، ويجوز إخراج قيمته عند الحنفية.

 

ولكن على من تجب فدية الصوم؟ فإن الفدية تجب على من لا يستطيع الصوم لا في الحال ولا فى المستقبل مثل الشيخ الهرم، والمرأة المسنة، والمريض مرضا لا يرجى برؤه، وتجب الفدية فى تركة من مات وفي ذمته صوم واجب، وتجب على المرأة الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على الجنين أو الولد، وتجب كذلك على من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان القابل إذا كان تأخيره بلا عذر شرعى، ولكن هل على الهرم أو الزمن شيء إذا أخر الفدية عن السنة الأولى؟ فإن الهرم والشيخ الكبير الذى لا يقدر على الصيام تلزمه فدية إطعام مسكين عن كل يوم، فلو أخرها عن السنة الأولى لم تلزمه فدية أخرى، بخلاف من أخر قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان آخر، فهذا تلزمه فدية التأخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى