مقال

نفحات إيمانية ومع الإسلام والتربية “جزء 1” 

نفحات إيمانية ومع الإسلام والتربية “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

أيها الأب الكريم، إن أولادك مرآة يعكسون أخلاقك وأعمالك، فإن رأوك تعظم الله وتخافه عظموا الله عز وجل، إن رأوك تخشى الله وتتقيه خشوا الله واتقوه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوك ذا محافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها، إن رأوك على هذه الصفة تأسوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظما لأبيك وأمك فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوى التقى والصلاح بعيدا عن أهل الإجرام والإفساد نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبة وألفاظا حسنة كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السباب واللعان والقبح والفحش فى الأقوال سمعت منهم مثل ذلك وأشد، فيا أيها الأب الكريم، لا بد من عظة للأبناء ونصيحة لهم.

 

ورسم الطريق الصالح ليسلكوه، وأن الأب ليس مجرد صندوق مالي يحصل من خلاله الأبناء على الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية، فالرجل لا يقتصر دوره على توفير النفقات فقط، وإنما يظل هو القدوة والنموذج الذي يحتذى فى البيت والحياة عموما، لذلك فهو له دور كبير في تنشئة وتوجيه الأبناء وإرشادهم، خاصة فى مراحل حياتهم الأولى، وأن عاطفة الأبوة ضرورية وإن اختلفت طبيعة العاطفة بين الطرفين الأب والأم بحكم التكوين الجسدى والنفسى للرجل الذي غالبا مايكون عقلانيا في التعامل مع أبنائه أكثر من المرأة التي تسيطر عليها العاطفة، وأن ما يشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط اعتقاد خاطئ.

 

فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات، فحضور الآباء مهم جدا في حياة أبنائهم من كافة النواحي، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية، وأنه يغفل الكثير من الآباء عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم وينشغلوا بأهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، ولكن هناك دور مهم يجب الحفاظ عليه وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية، فيا أيها الآباء اتقوا الله في أبنائكم، وربوهم على حب الله وخوفه ورجاء ما عنده، ربوهم على منهج الله، وعودوهم على الطاعة، وعلموهم العبادة، ربوهم على أن يعيشوا في الدنيا بمنظار الآخرة.

 

فيتزودوا من ممرهم لمقرهم، حتى تكونوا وإياهم في الجنة في شغل فاكهين، وعلى الأرائك تنظرون، ولم يكن اهتمام الإسلام منصبا على حشو الأدمغة بالمعلومات والمعارف الإنسانية أو الدينية بقدر ما كان يهتم بتأديب المتلقي وتربيته على المبادئ التي تحملها تلك المعلومات بل والتماهي والتمازج بين المبادئ العقلية والشخصية الإنسانية حتى تصيرا شيئا واحدا، لذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون حفظ عشر آيات حتى يتعلموا ما فيهن من العلم ويعملوا بما فيها، فيتعلمون القرآن والتقوى معا، وتزداد قلوبهم إيمانا مع إيمانهم، وتتعمق في نفوسهم المعاني التربوية العظيمة التى قد لا يحويها كتاب ولكن يحويها قلب امرئ مسلم.

 

ويحسب بعض الآباء أن مسؤولية تربية الطفل تقع على الأم فقط، ولا يطلب منه سـوى تأمين الحاجات المادية لأطفاله وزوجته، فتجده يقضى معظم وقته خارج المنزل في العمل، أو مع الأصدقاء، حتى إذا عاد إلى منزله جلس وحده فى غرفته، محذرا زوجته من أن تسمح للأطفال بتعكير صفو تأملاته وأحلامه وهو نائم، وإن الرؤية الإسلامية لا تقدم مسؤولية أى من الرجل أو المرأة في الأسرة على الآخر، فمشاركة الأب والأم فى التنشئة الاجتماعية والسياسية للطفل هي مشاركة واجبة ولازمة، إذ لا يغنى أحدهما عن الآخر، وهما يشكلان معا، بالإضافة للأبناء، هيكل السلطة فى الأسرة من خلال مسؤوليات كل طرف، ولا يكتمل الهيكل أو البناء إذا تخلى أحد الأطراف عن واجباته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى