مقال

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء6”

المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى “جزء6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع المرافق العامه بين تعظيم النفع ومخاطر التعدى، وإن فتن الدنيا أمواج عاتية تقذف بنا في كل مكان، والسند الذي يعيننا على الصمود غير موجود، وأنا لا أعني سند الله تعالى لأنه سند قائم بوجود الربوبية، بل أعني سند الإخوان والأهل لأنهم يغيبون عنا حينما نفقد توازن العطاء بالمرض، وهي موجودة في سنة الأولين مع سيدنا أيوب عليه السلام حينما تفرق عنه الأهل، ما عدا الزوجة الكريمة كرم الأتقياء، لا لشيء سوى أن الإيمان ليس مستقرا في قلوب ضعاف النفوس، بل أضحى قولا دون عمل، وعدا دون التزام، وإن من فضل الله تعالى وكرمه أن أنعم علينا نعما لا تعد ولا تحصى، مذكرا المنان الوهاب عباده المؤمنين بأنه مهما بلغوا في تعداد وإحصاء النعم عليهم.

 

فإنهم لن يستطيعوا أن يحصوها، مهما ابتغوا إلى ذلك سبيلاَ، فيقول جل جلاله فى سورة النحل ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم” لذلك على الإنسانِ أن يدرك أن عليه أن يتأمل ويتفكر في نعمِ الله عليه، فيتوجب عليه أن يبدأ متأملا لنفسه واعيا لنعم الله التترا عليه، وقد ذكرنا الله عز وجل بها، فقال تعالى فى سورة الذاريات ” وفى أنفسكم أفلا تبصرون” فأين أنت من تذكر وتفكر نعمِ المنعم الوهاب في نفسك، ولتكن ممن يقدر نعم الله عليك، ولتتأمل كل نعمة في بدنك من بصر وسمع، وما بداخلك من أعضاء خلقها الله بأفضل صورة وأكمل هيئة وأحسن تقويم، وتأمل بصرك، كيف أنك تبصر وغيرك لا يرى إلا ظلاما، ولتغمض عينيك دقائق.

 

عندها ستعرف قدر هذه النعمة العظيمة، التي ربما تستخدمها في النظر إلى ما يغضب الله، فقد قال بكر بن عبدالله “يا ابن آدم، إن أردت أن تعرفَ قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك” وقس عليها كل عضو من أعضائك التي وهبك الله إياها وستعرف عندها قدر نعمة الله عليك، والتي قصّرت في شكرها، ولا غرو أن هذا يدعونا لشكره سبحانه وتعالى شكرا يليق بجلاله قولا وفعلا، سرا وجهرا، باللسان وبالقلب والجوارح، على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، وقد قال ابن القيم رحمه الله “والشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح فالقلب للمعرفة والمحبة، واللسان للثناء والحمد والجوارح، لاستعمالها في طاعة المشكور، وكفها عن معاصيه”

 

فلنتذكر نعم الله في كل وقت وحين شاكرين لأنعمه، فبشكرها تدوم وتتنامى وتزداد، وبكفرها يحصل الحرمان والبلاء وتوالي العذاب، ويقول العلي العظيم فى سورة إبراهيم ” لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد” فلنشكر الشكور على نعمه وعطاياه، ولا ننتظر أن تزول النعمة ثم نفقدها فنعرف قدرها، فنبادر إلى الشكر بعدها، ولنكن مستجيبين لما أمرنا الله به سبحانه وتعالى بقوله كما جاء فى سورة البقرة ” فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون” ولندعوه كما وصى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الصحابى الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، فعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال‏‏ أخذ بيدي النبى صلى الله عليه وسلم فقال‏ “يا معاذ، قلت لبيك.

 

قال‏ ” إنى لأحبك” قلت‏ وأنا والله أحبك، قال‏ ” ألا أعلمك كلمات تقولها في دبر كل صلاتك؟‏” قلت‏ نعم، قال‏ “قل‏ اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك ” رواه البخاري، وما حث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أحاديثه في أذكار اليوم والليلة إلا دليل على فضل وشرف هذه النعمة، فعن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏‏ كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك” رواه مسلم‏، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بسؤال الله العافية في الدنيا والآخرة، وما ذاك إلا لقدر هذه النعمة العظيمة، التي تقاصرت هممنا في طلبها لانشغالنا بالدنيا وزينتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى