مقال

نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 9″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع ركائز الأمن المجتمعى، فعند البحث في الماضي الإسلامي ومقايسته بالحاضر البشري اليوم، وعند تقصي المبادئ التي يقوم عليها النظام السياسي الذي يرعى شؤون الناس افضل رعاية لما تعدينا الإسلام كافضل نموذج للنظام الذي يحقق للبشرية أعلى مستوى من الأمن الاجتماعي، وليس من باب التغني على الماضي نقول بأن التجربة الحية في التاريخ تؤكد لكل باحث في هذا الموضوع إن الإسلام قدم أفضل نموذج في الأمن الاجتماعي خلال حكمه للبلاد، بالأخص في عصر النبوة وعصر الإسلام الأول إذ كان المسلم يعيش في أمن تام على حياته من أي اعتداء خارجي، وكانت حياته تمضي بصورة وطيدة لا يعكر صفوها شيء.

 

من الجوع آوالعري أو الخوف من أي شيء سوى الخوف من الله سبحانه وتعالى الذي هو القاعدة الرصينة التي يقوم عليها الأمن الاجتماعي، فمن يخاف الله تعالى لا يعتدي على أحد، ولا يسلب قوت أحد، ولا يهدد أحدا في حياته أو رزقه أو أهله، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أصبح وأمسى وعنده ثلاث فقد تمت عليه النعمة في الدنيا، من أصبح وأمسى معافا في بدنه، آمنا في سربه عنده قوت يومه، فإن كانت عنده الرابعة فقد تمت عليه النعمة في الدنيا والآخرة، وهو الإيمان” وعلى غرار ذلك قال الإمام على رضى الله عنه “إن من النعم سعة المال وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب” ولو تجاوزنا التجربة التاريخية للحكم الإسلامي.

 

وفتحنا ملف الأمن الاجتماعي من خلال المبادئ والآليات التي جاء بها الإسلام لتكاملت الصورة عندنا عن نظرية الإسلام في الأمن الاجتماعي، فقال الماوردي “اعلم ان ما به تصلح الدنيا حتى تصير احوالها منتظمة وأمورها ملتئمة ستة اشياء في قواعدها وإن تفرعت وهي دين متبع وسلطان قاهر وعدل شامل وأمن عام وخصب دائم وأمل فسيح” فالأمن والاستقرار مظهران خارجيان لجملة عوامل ذكرها الماوردي ورددها من جاء من بعده مثل الإمام محمود شلتوت حيث حلل في تفسيره للقرآن الكريم العوامل الباعثة عن الإستقرار والأمن متخذا من كتاب الله أساسا لمنهجه الفكري ” يدلنا واقع الحياة وتاريخ الاجتماع ان احتفاظ الأمة بكيانها يرتبط بأمرين لابد منهما.

 

وهما الاستقرار الداخلي والاستقرار الخارجي، والاستقرار الداخلي أساسه صلاح الأسرة وصلاح المال وقوة النظم التي تساس بها في جميع شؤونها، والاستقرار الخارجي أساسه احتفاظ الأمة بشخصيتها واستعدادها لمقاومة الشر الذي يطرأ عليها والعدو الذي يطمع فيها، ولابد مع هذا وذاك من تقوية العنصر الروحي في قلوب أبنائها حتى يتحقق فيما بينهم التضامن والتعاون على السير في الأمة في ظل تشريعها القوي العادل في سبيل الخير والفلاح والعز والمنعة” وإن من الأسس التي يقوم عليها الأمن وتواجه بها الدعوات الهدامة الإصلاح بين الأحزاب والجماعات وبين الأسر والعائلات ولأهمية الصلح والإصلاح ذكره الله تعالى في كتابه أكثر من مائة وثمانين مرة في القرآن الكريم.

 

وفي ذلك دلالة على أهميته لاستقامة الحياة بالتعاون والتآلف والمودة والوفاء، وإن الإصلاح بين المسلمين واجب شرعي وضرورة اجتماعية ومطلب حضاري، ولذلك حث الله تعالى في محكم تنزيله، ووجه اليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ودعا أتباعه إلى التصالح وبلورة ثقافة المصالحة بين المسلمين، فهذه الثقافة من شأنها ان تدعم البناء الاجتماعي وتحفظ تماسكه وتقيه مخاطر التصدع والانهيار، فيقول الله تعالى فى سورة الحجرات “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون” ويقول سبحانه وتعالى فى سورة الأنفال ” فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين” وفي نصائح وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت أحاديث كثيرة في فضائل الصلح بين الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى