مقال

نفحات إيمانية ومع هَبّار بن الأسود القرشى “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع هَبّار بن الأسود القرشى “جزء 2”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى ومع هَبّار بن الأسود القرشى، وأنجب أيضا الزبير وفاخته، وكانت أمهما من لهب من الأزد، وأبا بكر لأم ولد، وأم حكيم وأمها من بني ليث، وعن ابن أبي نجيح أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعث سرية، فقال ” إن أصبتم هبار بن الأسود فاجعلوه بين حزمتين وحرقوه ” ثم يقول بعد “إنما يعذب بالنار رب النار، إن ظفرتم به فاقطعوا يديه ورجليه ثم اقتلوه” فلم تصبه السرية، وأصابه الإسلام، فهاجر إلى المدينة، وكان رجلا سباب، فقيل للنبي الكريم محمد صلى الله عليه، وسلم، إن هبار يُسب ولا يسب، فأتاه فقام عليه، فقال له “سُب من سبك” فكفوا عنه، وقيل أنه لم يهاجر إلى المدينة، فإنه إنما أسلم بالجعرانة، وذلك بعد فتح مكة، ولا هجرة بعد الفتح.

 

وكان هبار بن الأَسود يقول لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله، كنت فيمن عاداه، ونصب له وآذاه، ولا تسير قريش مسيرا لعداوة محمد وقتاله إلا كنت معهم، وكنت مع ذلك قد وترني محمد، وقتل أخواى زمعة، وعقيل ابني الأسود، وهو ابن أخي الحارث بن زمعة يوم بدر، فكنت أقول لو أسلمت قريش كلها لم أسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث إلى زينب ابنته من يقدم بها من مكة، فعرض لها نفر من قريش فيهم هبّار، فَنخس بها وقرع ظهرها بالرمح، وكانت حاملا فأسقطت، فردت إلى بيوت بني عبد مناف، فكان هبّار بن الأسود عظيم الجرم في الإسلام، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وروى محمد بن عمر، عن يزيد بن رومان قال.

 

قال الزبير بن العوام، ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هبار قط إلا تغيّظ عليه، ولا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سريه قط إلا قال صلى الله عليه وسلم “إن ظفرتم بهبار فاقطعوا يديه ورجليه ثم اضربوا عنقه” فوالله لقد كنت أطلبه وأسائل عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتلته، ثم طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده جالس، فجعل يتعذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول سُبّ يا محمد من سبّك وآذ من آذاك فقد كنت مُوضعا في سبّك وأذاك وكنت مخذولا، وقد بصّرني الله وهداني للإسلام، فقال الزبير، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه ليطأطئ رأسه استحياء منه.

 

مما يتعذر هبار، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “قد عفوت عنك، والإسلام يجُبّ ما كان قبله” وكان لسان سباب، فكان يُسبّ بعد ذلك حتى يبلغ منه فلا ينتصف من أحد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حلمه وما يحمل عليه من الأذى فقال “يا هبّار سُب من سبّك” وروى محمد بن عمر، عن سعيد بن محمد بن جُبير بن مُطعم، عن أبيه، عن جده قال، كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في مسجده منصرفه من الجعرانة، فطلع هبّار بن الأسود من باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر القوم إليه قالوا يا رسول الله، هبّار بن الأسود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قد رأيته ” فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، أن اجلس.

 

فوقف عليه هبّار فقال السلام عليك يا رسول الله إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد، وأردت اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرتك وعائذتك وفضلك وبرّك وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك، فهدانا الله بك وتنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني، فإني مُقر بسوأتي معترف بذنبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام، والإسلام يَجُبّ ما كان قبله” وقال محمد بن عمر، وخرجت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت، لا أنعم الله بك عينا، أنت الذي فعلت وفعلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الإسلام محا ذلك” ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبّه والتعرض له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى