مقال

نفحات إيمانية ومع مفرق الجماعات الموت ” جزء 3″ 

نفحات إيمانية ومع مفرق الجماعات الموت ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع مفرق الجماعات الموت، وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال “احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحير عند ذلك المصرع، والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عرق منه على حياله، وفي سنن النسائي رحمه الله عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال “إذا حضر المؤمن، أي عند قبض روحه، أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون أخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح المسك حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به باب السماء.

 

فيقولون ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه ماذا فعل فلان، ماذا فعلت فلانة فيقولون دعوه فإنه كان في غم الدنيا، فإذا كان، يعني ميتا، قال أما أتاكم قالوا ذهب الأمة الهاوية وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح أي كفن من النار، فيقولون أي لروحه، اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا بها باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح حتى يأتوا بها أرواح كفار يعني في السجن أسفل سافله وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله، عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

 

“من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالوا إنا نكره الموت، قال ليس ذلك ولكنه إذا حضر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله، والله عز وجل للقائه أحب وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم فإذا بشر بذلك كره لقاء الله، والله للقائه أكره” فإن الواجب على المسلم الفطن أن يتفكر في أحوال الأمم السابقة والقرون الماضية وقد بنوا المدائن وجمعوا الخزائن وحفروا الأنهار، وشيدوا القصور وعمروا الديار ولربما ظنوا أنهم في هذه الدنيا مخلدون وما هم عنها براحلين، فبينما هم يعيشون مرفهين في هذا الحلم إذ هجم عليهم هادم اللذات ومفرق الجماعات وهو الموت.

 

فأصبحوا عظاما رميما، ورفاتا هشيما وإذ بمنازلهم خاوية وقصورهم خالية، وأجسادهم بالية، وأصواتهم خافتة، فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم وقد خلفوا كل شيء وراءهم، لم يأخذوا معهم مالا ولا جاها ولا منصبا إلا الصاحب الملازم وهو العمل، وها هم قد سكنوا القبور الموحشة حيث لا أنيس ولا صاحب وقد تساوى في سكناها جميع الناس غنيهم وفقيرهم، شريفهم وحقيرهم، وهكذا فإن الموت أعظم واعظ وأبلغ زاجر وقد أوصى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكره لما فيه من دفع المرء لعمل الصالحات، فقال صلى الله عليه وسلم “أكثروا من ذكر هادم اللذات ” وما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكره.

 

إلا لما يورثه ذكر الموت من القناعة في القليل، والحث على السير للدار الآخرة بزاد يبلغ بصاحبه حيث النجاة، ولذا قال الخليفة عمر بن عبد العزيز ” لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد ” فبينما يعيش المرء في هذه الدنيا يظن أن أجله بعيد وقد ألهاه الأمل إذا بالموت يفجؤه وبدأ ينازع السكرات والشدائد، وقد نزل ملك الموت لقبض روحه، وإذا بالألم يسري في جميع أجزائه في كل عرق وعصب ومفصل من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين وقد قيل،إن الموت أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض، ولما احتضر النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل يديه في ماء يمسح بهما وجهه ويقول صلى الله عليه وسلم” لا إله إلا الله إن للموت سكرات”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى