مقال

مشروعية زواج المسيار ” جزء 1″

مشروعية زواج المسيار ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

إن ما نتكلم عنه من زواج المسيار وزواج المتعه، والزواج العرفى، الآن، إذا نظرنا إليهم سنجد أن جميعهم متشابهين في كثير من الأسباب التي أدت إلى ظهورهم بهذا الشكل، وهو من غلاء المهور، وكثرة العوانس، والمطلقات، وعدم رغبة الزوجة الأولى في الزواج الثاني لزوجها، ورغبة الرجل في المتعة بأكثر من امرأة، وخوف الرجل على كيان أسرته الأولى، وإن زواج المسيار أو زواج الإيثار هو زواج ومصطلح اجتماعي انتشر في العقود الأخيرة بالدول العربية وبعض الدول الإسلامية، ويعني أن رجلا مسلما متزوج زواجا شرعيا مكتمل الأركان من رضا الزوجين وولي الأمر والشاهدين وتوافق الزوجة على التنازل عن حقوقها الشرعية في الزواج مثل السكن والمبيت والنفقة.

 

وزواج المسيار محلل عند بعض المسلمين من طائفة أهل السنة والجماعة، ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة هو الشيخ القرضاوي والشيخ عبد العزيز بن باز، وقد تداولته وسائل الإعلام وأوساط المجتمع إما بالنقاش أوالانتقاد أوالدفاع أوالتشكيك في كونه مباحا، حتى أصدر بعض الجهات المختصة فتواها بمشروعية زواج المسيار مثل مجمع البحوث الإسلامية، ويعرف زواج المسيار بأنه الزواج الذي تخفف فيه الزوجة عن زوجها في المهر، أو في مسكنها الشرعي، أو في نفقتها، أو مبيت الزوج عندها، ويغلب في هذا الزواج وجود الزوجة في مكان، غير المكان الذي يقيم فيه الزوج مع زوجة أخرى، وقد يكون هذا الزواج بصورة سريه ويكون زواج المسيار على صورتين.

 

الأولى هى وجود عقد بين رجل وامرأَة، وتكون أركانه وشروطه مكتملة، من حيث المهر والولي، والشهود، ويشترط الزوج في هذه الصورة إسقاط أحد حقوق الزوجة، من النفقة أو المسكن، فيصبح غير مكلف بنفقة الزوجة أو سكنها، وقد يكون سبب هذا التنازل من الزوجة في الغالب، هو رغبتها في إتمام الزواج، وتيسيره، وتحصين نفسها والحفاظ على عفتها، وأن ترزق بالذرية، والصورة الثانية لهذا الزواج، فهي على ما سبق إلا أن الزوج لا يشترط إسقاط نفقة الزوجة أو مسكنها، لكنه يشترط عدم التزامه في مبيته عندها، وهو الأكثر انتشارا، والسبب في اشتراط هذا من الزوج هو بقاء أمر الزواج سرا، وإخفاءه عن أهله، خوفا من وقوع المشاكل في حال علمهم به.

 

وقد تباينت مواقف الفقهاء المعاصرين من زواج المسيار بناء على تقديرهم للمصالح والمفاسد المترتبة على هذا النوع من الزواج، بالإضافة إلى مقدار تحقيقه لمقاصد الشريعة الإسلامية في عقد النكاح، ويمكن تصنيفهم إلى ثلاثة آراء، فالرأي الأول وهم المانعون، وهم الذين رأوا أن زواج المسيار وإن كان صحيحا في توافر الأركان والشروط إلا أنه مخالف لمقاصد الشريعة من تشريع الزواج في تحقيق المودة والسكنى ونحوهما من المقاصد السامية، وأما عن الرأي الثاني وهم المجيزون، وهم الذين رأوا أن العقد قد تحققت جميع أركانه وشروطه فلا سبيل للقول بحرمته أو منعه، بالإضافة إلى تحقيقه لمصالح بعض الأزواج الذين لا تمكنهم ظروفهم من الزواج العادي.

 

وإن قالوا أن الزواج العادي أفضل منه وأقرب إلى روح التشريع، وأما ما يذكره المانعون من مفاسد فهي موجودة في الزواج العادي، مثل كثرة الطلاق ونحوه، وأما الرأي الثالث وهم المجيزون مع الكراهة، وهم الذين أجازوا زواج المسيار ولكنهم صرحوا بكراهته نظرا لما يرون فيه من امتهان للمرأة وكرامتها، وأما عن زواج المسيار فهو زواج مكتمل الأركان حيث يوجد الإيجاب والقبول من الطرفين، مع حضور الولي وشاهدي عدل ثقات‏،‏ ذكور مسلمين بالغين عاقلين‏،‏ ولكن تتنازل المرأة عن شيئين‏ وهما‏ حقها في القسم ‏أى المبيت عندها دوريا بما يعادل زمن المبيت عند امرأة أخرى‏،‏ وكذلك تتنازل عن حقها في النفقة‏،‏ ولابد من تسجيله عند الدولة حفاظا على حقوق المرأة‏،‏ ويكره كتمانه كراهة شديدة.

 

وهو زواج صحيح طالما شهد عليه اثنان، وحضره الولي، وزواج المسيار يختلف عن الزواج العرفي، فالزواج العرفي يطلق على عدة صور، أشهرها إتمام الزواج بكل شروطه من الولي والشهود والإعلان، والصداق، ولكنه لا يوثق فقط، فهذا زواج صحيح من حيث ذاته، ولكن الإقدام عليه حرام لمخالفته للقانون، واحترام القانون هنا واجب، لأنه ينظر إلى مصلحة الناس إلا أن مخالفته لا تجعل العقد فاسدا، ويكون عدم التوثيق حراما إذا كان سببه الهروب من واجب، أو الحصول على حق لا يستحقه صاحبه، ومن النكاح ما يحرم لعارض يزول، إذا زال العارض جاز النكاح، فيحرم تزوج المعتدة من الغير، لأنه لا يؤمن أن تكن حاملا، فيفضي النكاح الثاني إلى اختلاط المياه والأنساب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى