مقال

نفحات إيمانية ومع مسيلمة بن ثمامة ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع مسيلمة بن ثمامة ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع مسيلمة بن ثمامة، وعندما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة فقال له أتباعه “إن محمدا يقرأ قرآنا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيئا مما يأتيك من السماء” فقال لهم هذه السورة ان شاء الله كلكم راح تضحكون من قلب قال أخزاه الله “والطاحنات طحنا, والعاجنات عجنا, والخابزات خبزا, والثاردات ثردا, واللاقمات لقما, اهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر, وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه, والمقبر فآووه, والباغي فناوئوه” وطبعا هذه السورة كانت تقليد لسورة الذاريات، وقال بأن نزلت عليه سورة الشاة، وقال أخزاه الله “والشاة وألبانها, وأعجبها السود وألبانها, والشاة السوداء, واللبن الأبيض, انه لعجب محض, وقد حرم المدق فما لكم لا تمعجون”

 

وقيل بأنه يقلد سورة الليل، وقال نزلت عليه سورة الفيل فقال أخزاه الله “الفيل ما الفيل, وما أدراك مالفيل, له دنب وبيل وخرطوم طويل” وهو تقليد لسورة الفيل، وقال نزلت عليه سورة الضفدع فقال أخزاه الله “يا ضفدع بنت ضفدعين, نقي ما تنقين, نصفك في الماء ونصفك في الطين, لا الماء تكدرين, ولا الشراب تمنعين” فهذه العاب اطفال وخرابيط، وقال نزلت عليه سورة الجماهير، فقال أخزاه الله “انا أعطيناك الجماهر, فصل لربك وجاهر, ان شانئك هو الكافر” وهو تقليد لسورة الكوثر، وذكروا أن وفد الصحابى الجليل والقائد عمرو بن العاص على مسيلمة الكذاب، وكان صديقا له في الجاهلية، وكان عمرو لم يسلم بعد، فقال له مسيلمة ويحك يا عمرو.

 

ماذا أنزل على صاحبكم يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المدة ؟ فقال لقد سمعت أصحابه يقرءون سورة عظيمة قصيرة فقال وما هى؟ فقال “والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ” وهى سورة العصر، ففكر مسيلمة ساعة، ثم قال وقد أنزل علي مثله، فقال عمرو وما هو؟ فقال “يا وبر إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك حقر نقر، كيف ترى يا عمرو؟ ” فقال له عمرو، والله إنك لتعلم أني أعلم أنك لتكذب ” فإذا كان هذا من مشرك فى حال شركه، لم يشتبه عليه حال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه، وحال مسيلمة لعنه الله وكذبه، فكيف بأولي البصائر والنهى، وأصحاب العقول السليمة المستقيمة.

 

والحجى ولهذا قال الله تعالى فى سورة الأنعام “ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله” وقال في هذه الآية الكريمة فى سورة الأنعام أيضا ” ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون” وكذلك من كذب بالحق الذي جاءت به الرسل، وقامت عليه الحجج، فلا يوجد أحد أظلم منه كما جاء في الحديث الذى قال فيه، رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعتى الناس على الله رجل قتل نبيا، أو قتله نبى” وقد تحدثنا من قبل عن سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان، التميمية، وهى من بنى يربوع، وكانت متنبئة مشهورة، وكانت عشيرتها قاطنة فى العراق منذ دهر مجهول.

 

وكانت قد اعتنقت المسيحية منذ بداياتها، وكانت هذه السيدة شاعرة أديبة عارفة بالأخبار، ورفيعة الشأن في قومها، وقد نبغت في عهد الردة أيام الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد ادعت النبوة بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان لها علم بالكتاب، فقد أخذته من ثقافتها العراقية المسيحية، ولا احد يمكن ان يجزم هل أعلنت النبوة عن قناعة روحانية صادقة أم رغبة باستغلال الأوضاع السياسية المتوترة للدولة الاسلامية الناشئة ومحاولة التمرد عليها والحصول على النفوذ والسلطة؟ أم انها للفت الانتباه وهو ما نرجحه باعتبارها المثقفة في قومها، وقد تبعها في دعوتها جمع من عشيرتها بينهم بعض كبار تميم كالزبرقان بن بدر، وعطارد بن حاجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى