مقال

نفحات إيمانية ومع الطاغوت فى الشريعة الإسلامية ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع الطاغوت فى الشريعة الإسلامية ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد جاءت الشريعة الإسلامية الغراء مبينة وموضحة بأنه لا توحيد مقتضيا بفضل الله تعالى للنجاة من دخول النار أصلا أو من الخلود فيها، ولا أمان في الحياة على النفس والعرض والمال، ولا مكان بين المسلمين أو تصدر أو تقدير أو احترام لمن لم يحقق مقتضى لا إله إلا الله المتضمن الكفر بما عبد من دون الله تعالى، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله” وإن شهادة أن لا إله إلا الله هي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة, وهي أصل الدين وأساسه, وبقية أركان الدين متفرعة عنها، وهي سبيل السعادة في الدارين ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الكلمة.

 

وفي شأنها تكون الشقاوة والسعادة، وهي الكلمة التي أرسل الله تعالى بها رسله وأنزل بها عز وجل كتبه, ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار، وهي أعظم نعمة أنعم الله جل جلاله بها على عباده أن هداهم إليها، ولهذا ذكرها سبحانه وتعالى في سورة النحل التي هي سورة النعم, فقدمها أولا قبل كل نعمة، وهي أفضل ما ذكر الله عز وجل به، وأثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة، وإن معنى لا إله إلا الله هو أنه لا معبود بحق إلا الله, وقول لا إله، هى نافية جميع ما يعبد من دون الله تعالى فلا يستحق أن يعبد “إلا الله” مثبتة العبادةَ لله وحده فهو الإله الحق المستحق للعباده، وإن أول ما فرض الله عز وجل، على العباد هو الإيمان به والكفر بالطاغوت.

 

ودليل ذلك قوله تعالى ” ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت” فأوجب الله عز وجل، الإيمان به، والكفر بالطاغوت، ولكننا في هذا الزمان آمنا بالله سبحانه وتعالى، وقد جهلنا الكفر بالطاغوت، بل أكثرنا يجهل هذا ولا يعلمه، وكل ذلك بسبب انتشار الجهل بيننا، والتكاسل عن طلب العلم والقراءة في كتب العلماء، والاكتفاء بالمعلومات العامة الدينية، وما إن يمتلكها أي واحد منا حتى يبدأ في النقاش لطلبة العلم، ومصارعتهم في مجالسهم، وهو لا يعلم من دينه شيء، وقد تناسى أصلا أصيلا من الإيمان به حيث أنه لو لم يأت به لا يصير مؤمنا بالله، وإن معنى الكفر بالطاغوت والكفر بما عبد من دون الله، هو البراءة منه واعتقاد بطلانه.

 

فقيل” فأما صفة الكفر بالطاغوت، فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله تعالى، وتتركها وتبغضها وتكفِّر أهلها وتعاديهم” وقال في بيان الطاغوت الذي أمرنا بالبراءة منه، واعتقاد بطلانه في كتابه ثلاثة الأصول، فقال ابن القيم رحمه الله “معنى الطاغوت هو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، والطواغيت كثيرون، ورؤوسهم خمسة، وهم إبليس لعنه الله، ومن عبده وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله، وقال في بيان نواقض الإسلام، الثالث هو من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو يصحح مذهبهم فقد كفر، وإن الطاغوت هو كل ذي طغيان على الله فكل ما عبد من دون الله.

 

ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت، والإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى ” فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ” وإن مفهوم الكفر في اللغة هو التغطية والستر، وأمّا في الاصطلاح فهو ضد الإيمان في القول والفعل والاعتقاد، وكما أن الكفر هو دين الشيطان، ويورّث صاحبه الضلال في دنياه والشقاء في آخرته، كما أن الكفر هو رفض الدخول في الإسلام، أو هو الخروج منه بعد دخوله، والاعتقاد بدين آخر غير دين الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بسبب التكبر والعناد أو ربما بسبب الحمية لدين الأجداد والآباء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى