مقال

حادثة الإفك فى العصر النبوي “جزء 2”

حادثة الإفك فى العصر النبوي “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع حادثة الإفك فى العصر النبوي، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمّرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه إلا استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فيسلم ثم يقول كيف تيكم؟ ثم ينصرف فذاك الذي يريبني، ولا أشعر حتى خرجت بعد ما نقهت فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع، وهو متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها في بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي قد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها.

 

فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا، قالت أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قلت وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعني سلم ثم قال كيف تيكم؟ فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت وأنا حينئذ أريد أن استيقن الخبر من قبلهما، قالت فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت أبوي، فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس؟

 

قالت يا بنية هوّني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت فقلت سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا، قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، رضي الله عنهما، حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود.

 

فقال يا رسول الله أهلك وما نعلم إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بريرة، فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يُريبك؟ قالت بريرة لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوا الله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي؟ فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير.

 

وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله، لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان الأوس، والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخفضهم حتى سكتوا وسكت، قالت فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم قالت فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع، يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى