مقال

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 1″

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إذا كانت الهداية بيد الله سبحانه وتعالى فإن على العبد أن يحرص غاية الحرص وأن يجتهد غاية الاجتهاد في سؤال الله تعالى الهداية وسؤال الله الثبات على الهداية والاستعاذة بالله من الزيغ بعد الهدى قال تعالى معلما عباده سؤاله الهداية في سورة الفاتحة “اهدنا الصراط المستقيم” وقال تعالى معلما عباده الاستعاذة به من الزيغ بعد الهدى ” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب” ومن أراد الهدى فعليه بكتاب الله تعالى فإن الله تعالى قال في سورة الفاتحة “اهدنا الصراط المستقيم” ثم قال في الآية الثانية من سورة البقرة ” ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين” ومن أراد الهدى فالهدى في سنة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فعليك بدراسة السنة النبوية والتفقه فيها والعمل بها.

 

فهذان هما المصدران الصافيان للهدى، بهما تصلح القلوب والاعتقادات، والعبادات والمعاملات، والأخلاق والسياسات وبهما يصل العبد إلى الجنة دار السلام، ولن تشاء بقدرتك، ولن تشاء بعقلك، ولن تشاء بفطرتك، ولن تشاء بثقافتك فمن هو أذكى منك يعبد اليوم بقرة في الهند أو صنما في الصين أو صليبا في كل مكان، من هو أذكى منك عطل عقله وعبد من دون الله ما لا يُعبد ، فالهداية توفيق من الله، والله عز وجل يقول في الحديث القدسي “يا عبادي، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ” فالهداية من الله يملكها الله ولا يملكها أحد، فعندما نعلم أن الله هو الذي يعطي الهداية، ويملك الهداية عندما ترى نفسك أنك ها هنا فاعلم بأنك في نعمة النعم، عندما ترى نفسك أنك في المسجد لا في الملهي.

 

 

في المسجد لا في الخمارة، في المسجد لا في مكان الظلم، في المسجد لا في مكان حرام، في المسجد لا في مكان الباطل، لما تجد نفسك تقرأ القرآن لا تسبّ الناس، تقرأ القرآن لا تنشد الأغاني، لما تجد نفسك تقرأ القرآن لا أنك تصدح بكفر بواح أو غير ذلك، فاعلم أنك في نعمة الله، وإن الهداية المقصودة هي الهداية للتوحيد الخالص الذي هو إفراد الله بالعبادة والبراءة من الشرك فأعظم الهداية التوفيق للتوحيد كما أن أعظم الضلال الشرك قال تعالى ” ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا” وقال تعالى “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” ثم الهداية إلى السنة والسلامة من البدع والمحدثات فمن عاش عليها ومات عليها فقد مات على الخير، والهداية نعمة الله اشكروا الله على نعمته.

 

اشكروا الله لكن ليس شكر اللسان فحسب، شكر اللسان بداية لكن عظموا الله في قلوبكم، عظموا الله في حياتكم، عظموا الله في أفكاركم، عظموا الله في كل شأن من شئون حياتكم، اشكروا الله بعبادة الله، اشكروا الله بإرضاء الله لا بإرضاء سواه تفوزوا بهذا وتسعدوا، فمن لم يشكر النعمة يضيعها، ذلك أن إخفاق الناس في مفهوم النعم أضاع منهم النعم، وإن الله أوجب على المسلمين أن يقرؤوا الفاتحة في كل يوم على أقل تقدير سبع عشر مرة وهي عدد الركعات التي يقرأ الإنسان الفاتحة في الفرائض، ثم إذا في النوافل أو ركعات أخرى ربما يصل إلى عدد بالعشرات وكل يوم عشرات المرات وأن تقول “اهدنا الصراط المستقيم” كيف وهو واقف في الصلاة يطلب الهداية، كيف وأنت في قلب الهداية وأنت تقرأ القرآن.

 

وتقول “اهدنا الصراط المستقيم” قال” وهنا يعني أدم هدايتنا على الصراط المستقيم” فحرصك على دوام الهداية كأنها غير موجودة تخاف تريد أن تحصلها تقول “اهدنا الصراط المستقيم” حتى تبقى على الصراط المستقيم، والإنسان يسأل ربه أن يهديه ويشرح صدره للحق ويعينه على طاعته وطاعة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وهذا من أعظم الأسباب التي تعين العبد على الهداية ، مع الإلحاح في ذلك، ولاسيما في أوقات الإجابة مثل آخر الليل جوف الليل، بين الأذان والإقامة ، في آخر الصلاة، وفي السجود، وفي يوم الجمعة ، فينبغي للمؤمن أن يلح في طلب الهداية، وفي طلب التوفيق، وفي طلب صلاحه وصلاح ذريته، والمسلمين، وإن من أحب الأعمال إلى الله صلة الرحم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى