مقال

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 7″

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون، فالمؤمن يعلم أن البلاء لنزوله أسباب وحكم بعضها ربما يعلمها العبد وبعضها لا يعلمها إلا الله، والمؤمن يعلم أن لدفع البلاء ولرفعه أسبابا من أعظمها لجوؤه ودعاؤه وتضرعه إلى مولاه، والمؤمن يعلم أن ما ينزله الله بعبده المؤمن رحمة وخيرا وحكمة ورفعة للدرجات وتكفيرا للسيئات ولذلك يكون راضيا بما قدره الله، مسلما أمره إلى الله، محتسبا الأجر والخلف من الله الكريم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، وفي الحديث أن من نابه أمر مهم من الكرب ينبغي له أن يفزع إلى الصلاة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “أما العذاب المدفوع، فهو يعم العذاب السماوي، ويعم ما يكون من العباد وذلك أن الجميع قد سمّاه الله عذابا، وقال الشيخ السعدي رحمه الله، في قول الله تعالى ” وما كان الله معذبهم وهم يستعفرون”

 

فهذا مانع من وقوع العذاب بهم، بعدما انعقدت أسبابه” وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال “أمانان كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رُفع أحدهما وبقي الآخر، وقرأ قول الله عز وجل من سورة الأنفال ” وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” رواه احمد، وعن فضالة بن عُبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله” رواه أحمد، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال خسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فزعا يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته قط يفعله، وقال “هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره” متفق عليه.

 

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفيه الندب إلى الاستغفار عند الكسوف وغيره لأنه مما يدفع البلاء” وتفكروا في حكم المولى في تصريف الأمور، وأنه المحمود على ذلك، وأن أي شدة صغيرة أو كبيرة خاصة أو عامة إنما فرجها بيد من هو على كل شيء قدير، فعلينا أن نحسن الظن بالله وأن لا نقنط من رحمة الله وأن نرضى بما قدر الله وأن نتذكر مع نزول أي مصيبة كثرة نعم الله علينا ولطفه بنا وذلك من أعظم ما يهون المصائب، وعلينا الاعتراف بتقصيرنا وعيوبنا ومعاصينا بين يديه سبحانه، والتوبة النصوح من جميع الذنوب، والقيام بما أمرنا الله به من الصبر واحتساب الأجر، والإيمان به والتوكل عليه والعمل بما يرضيه والبعد عن معاصيه وبذلك تكون العبودية لله في جميع التقلبات والأحوال والتي هي طريق السعادتين في الدنيا والآخرة.

 

فقال الله تعالى كما جاء في سورة التغابن ” ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم” وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “قال الطيبي أمروا باستدفاع البلاء بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة” وقال العلامة ابن القيم رحمه الله “النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الكسوف بالصلاة والعتاقة والمبادرة إلى ذكر الله تعالى والصدقة فإن هذه الأمور تدفع أسباب البلاء” فعلى العبد أن يحرص على أداء العبادات التي جاءت النصوص بأنها تدفع البلاء ومنها الصلاة بخشوع وطمأنينة، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما قالت “خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال.

 

“إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا للصلاة” متفق عليه، وقال الإمام النووي رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم ” فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة” وفي رواية ” فصلوا حتى يفرج الله عنكم” ومعناه بادروا بالصلاة وأسرعوا إليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذي يخاف كونه مقدمة عذاب” ولننظر إلى الصبر وتحمل المسئولية فقيل أنه في احدى الليالي كان عمر بن الخطاب يدور حول المدينة ليتفقد احوال الرعية فرأى خيمة لم يرها من قبل فأقبل نحوها متسائلا ما خبرها فسمع انينا يصدر من الخيمة فازداد همّه ثم نادى فخرج منها رجل, فقال من انت ؟ فقال انا رجل من احد القرى من البادية وقد اصابتنا الحاجة فجئت انا واهلي نطلب رفد عمر فقد علمنا ان عمر يرفد ويراعي الرعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى