مقال

موقعة صفين “جزء 1”

موقعة صفين “جزء 1”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

موقعة صفين هي معركة وقعت بين جيش الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه وجيش معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه، وكانت إمتدادا للفتنة التي أدت إلى مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان على يد ثوار اجتمعوا من مصر وغيرها، وبدأت معركة صفين في واحد من شهر صفر لعام سبعة وثلاثين من الهجرة، وصفين هي منطقة بين الشام والعراق، وإن من أبرز أسباب معركة صفين هو الخلاف الذي كان بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان حول مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث طالب معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالثأر لدم عثمان بن عفان، في حين طالب الإمام علي بن أبي طالب بأخذ البيعة له حتى يجتمع المسلمون على كلمة واحدة، ثم يتم البحث في قضية مقتل عثمان بن عفان والقصاص من قتلته.

 

ومن أسباب معركة صفين أيضا إنه عندما استلم الإمام علي بن أبي طالب حكم المسلمين امتنع والي الشام معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام أيضا عن مبايعة علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، فأرسل علي بن أبي طالب جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية بن أبي سفيان ليدعوه لمبايعة علي بن أبي طالب، وعندما سمع معاوية من جرير رسول الإمام علي، استشار عمرو بن العاص فأشار عليه أن يجمع أهل الشام ويسير بهم إلى العراق للقصاص ممن تورطوا في دم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فبعد إنتهاء معركة الجمل حرص الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه على هودج السيدة عائشة رضي الله عنها، ونقله إلى أفخم بيوت البصرة، وعندما أرادت السيدة عائشة رضي الله عنها أن تذهب إلى مكة.

 

أرسل معها أربعين من أشرف نساء البصرة المعروفات، كما أرسل معها أخاها محمد بن أبي بكر، وأرسل معها أيضا عمار بن ياسر، ومجموعة من الجنود لحمايتهم جميعا، وسار مع القافلة بنفسه بعض الأميال مشيعا، كما سار الحسن، والحسين رضي الله عنهما مسافة أكبر خلف السيدة عائشة رضي الله عنها حتى سلكت طريق مكة، وقد ودّعت السيدة عائشة رضي الله عنها الناس قبل أن تغادر البصرة، وقالت لهم لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين عليّ في القدم، إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، أي أقارب زوجها، وإن علي لمن الأخيار” فقال الإمام علي رضى الله عنه صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، فهذه هي نظرة كل منهما للآخر، ومكثت السيدة عائشة رضي الله عنها في مكة.

 

حتى حجّت هذا العام ستة وثلاثين من الهجرة، ثم عادت بعد الحج إلى المدينة المنورة، وبعد أحداث الجمل بايع أهل البصرة جميعا علي رضى الله عنه، سواء من كانوا معه، أو من كانوا عليه، وتمكن رضى الله عنه من الأمور، وولى على البصرة بعد أن تم له الأمر فيها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ترك البصرة، وتوجه إلى الكوفة التي كان أغلب جيشه منها، ونزل في بيت متواضع، ورفض أن ينزل في قصرها الذي كان يسمى القصر الأبيض، لأن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يكره هذا القصر لفخامته، ومكث رضى الله عنه في الكوفة ليسيطر على الأمور، ودانت له البصرة والكوفة، وهي مناطق كبيرة، وبها من الجنود الكثير، ولا زال بعض من أهل الفتنة في جيش الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه إلى هذا الوقت.

 

منهم من تم قتله في معركة البصرة الأولى التي تم قتل فيها ستمائة، وكثير منهم تم قتله في معركة الجمل، وأما مصر فقد كان على إمرتها أثناء خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقد خرج بجيشه من مصر متوجها لنجدة عثمان رضى الله عنه، ولكنه لما علم بمقتله توجه إلى الشام، وكان ممن يرى رأي معاوية بن أبي سفيان، وطلحة، وعائشة، والزبير رضوان الله عليهم جميعا من أخذ الثأر لعثمان رضى الله عنه من قتلته قبل البيعة، وقد وتولى الأمور في مصر، وسيطر عليها محمد بن أبي حذيفة الذي كان أحد أقطاب الفتنة مع كونه تربى في كنف عثمان بن عفان رضى الله عنه، وكان أحد أبناء المجاهدين البررة حذيفة بن عتبة الذي استشهد في موقعة اليمامة، ولما لم يعطه عثمان رضى الله عنه الإمارة لعدم رؤيته لكفاءته نقم عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى