مقال

الدكروري يكتب عن فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم “جزء 3”

الدكروري يكتب عن فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم “جزء 3”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم، وكان لا يبغي بجهاده سوى نصرة الدين ولا يريد من الدنيا شيئا، ومن القصص التي أوردها ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” وتدل على إيمانه بالله وتوكله عليه، عندما فتح قتيبة بن مسلم مدينة سمرقند، اشترط على أهلها شرطين أما الأول فهو أن يبني في المدينة مسجدا لله ويضع فيه منبرا، ويصلي فيه ويخطب على المنبر، أما الشرط الثاني وهو أن يحطم أصنام المدينة وأوثانها، وبالفعل نفذ الشرطان، فلما أخذ الأصنام ألقيت بعضها فوق بعض حتى صارت مثل الجبل الكبير ثم أمر بإحراقها، فتصارخ أهل المدينة وبكوا، وقال الكفار إن فيها أصناما قديمة من أحرقها هلك، وجاء ملك المدينة واسمه “غورك” وقال لقتيبة “إني لك ناصح لا تحرقها فيصيبك الأذى”

 

فقال قتيبة “أنا أحرقها بيدي فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون” ثم قام إليها وهو يكبر الله عز وجل وألقى فيها النار فاحترقت كلها، وكانت من أقول القائد قتيبيه المأثوره، أنه قال ملاك الأمر في السلطان، والشدة على المذنب، واللين للمحسن، وكان يقول الخطأ مع الجماعة خير من الصواب مع الفرقة، وإن كانت الجماعة لا تخطئ والفرقة لا تصيب، وكان قتيبة بن مسلم، من قادة الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلما ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه، لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه، ولذلك عزم قتيبة على الخروج على سليمان وجمع جموعا لذلك عن رجاله وأهل بيته، لكن حركته فشلت وانتهت بقتله سنة ستة وتسعين هجريا.

 

في فرغانة على يد وكيع بن حسان التميمي، وقيل أنه لم يتمرد ولكن وقع ضحية مؤامرة حاكها بعض الطامعين بالولاية، ثم استعرض جيشه وابتدأ مسيرته إلى فتح الشرق كله، فلم يتقاعس عن الجهاد لا هو ولا جنده، ففتح المدائن مثل خوارزم وسجستان، حتى وصل إلى سمرقند فحاصرها حصارا شديدا حتى صالحه أهلها على أموال كثيرة جدا، وفطن له الصفد فجمعوا له الجموع فقاتلهم في شومان قتالا عنيفا حتى هزمهم، وسار نحو بيكند وهي آخر مدن بخاري، فجمعوا له الجموع من الصغد ومن مالأهم فأحاطوا به من كل مكان، وكان له عين أى جاسوس، من الأعداء يمده بالأخبار فأعطاه الأعداء أموالا طائلة ليصد عنهم قتيبة، فجاء يثبطه عن قتالهم، فقتله، ثم جمع الجيش وخطبهم وحثهم على القتال فقاتلوا أشد القتال وفتحوا الطوق ونصرهم الله سبحانه وتعالى.

 

وغنم منها أمولا لا تحصى ثم اتجه ناحية الصين، فغزا المدن التي في أطرافها وانتصر عليها، وضرب عليهم الجزية، فأذعنت له بلاد ما وراء النهرين كلها حتى وصل إلى أسوار الصين، حارب خلالها ثلاثة عشرة سنة لم يضع فيها السلاح، وفى النهايه ليس من المبالغة أن يطلق على القائد “قتيبة بن المسلم الباهلي” العديد من الألقاب تكريما له، وذلك نظرا للإنجازات المذهلة التي حققها في الفتح الإسلامي، والتي جعلت منه فاتح المشرق الإسلامي، فقد وصل بفتوحاته إلى الصين، وهي الفتوحات التي كانت السبب في دخول الكثير من الأقوام في دين الله تعالى لما رأوا في شخصية الفاتحين وقائدهم تجسيدا لعظمة الدين الإسلامي، فقد لقب “كبير المجاهدين” إلى “عملاق الفتوح” وتتوالى الألقاب على ذلك القائد المسلم، الذي صار اسمه علما على الفاتحين المسلمين لدرجة أن البعض لقب “طارق بن زياد” فاتح الأندلس باسم “قتيبة المغرب” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى