مقال

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 8″

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثامن مع شهر شعبان وتحويل القبلة، وكلامه صلى الله عليه وسلم يدل على انتشار الإسلام وعلى عالمية الدعوة الإسلامية، وأن المسألة مجرد وقت، وسيحدث كل هذا بتوفيق الله سبحانه، ولكن كيف ذلك والتبعية لازالت موجودة في القبلة إلى بيت المقدس قبلة اليهود أيضا، كان لابد من هذا الحدث الذي يثبت عالمية الدعوة الإسلامية، فكان صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وكأنه ينتظر أمر الله تعالى، فقد كان يكنه في صدره صلى الله عليه وسلم وكل ما كان منه هو النظر وتقليب وجهه في السماء انتظارا واشتياقا لمنة الله تعالى ذلك، فعن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، ولقد استجاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وحقق الله رجاءه.

 

وما ذلك إلا لعظيم مكانته عند ربه، قال الله تعالى ” قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها” فهو صلى الله عليه وسلم الذي شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على مَن خالف أمره، وأقسم بحياته في كتابه المبين، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر إسمه تعالي ذكر إسمه صلي الله عليه وسلم معه كما في الخطب والتشهد والتأذين، وافترض على العباد طاعته ومحبته والقيام بحقوقه، وسد الطرق كلها إليه وإلى جنته فلم يفتح لأحد إلا من طريقه، فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأقواله وأعماله توزن الأخلاق والأقوال والأعمال، والفرقان المبين الذي باتباعه يميز أهل الهدى من أهل الضلال، وقد أخبر الله تبارك وتعالى بما سيقوله اليهود عند تحوّل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة.

 

قبل وقوع الأمر بالتحويل، ولهذا دلالته، فهو يدل على صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو أمر غيبي، فأخبر عنه صلى الله عليه وسلم بآيات قرآنية قبل وقوعه ثم وقع، وإن للأمة الإسلامية مكانة عظيمة بين الأمم منها أنها الأمة الوسط فقد قال تعالى ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” ويقول ابن كثير في تفسيره إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل، فهذه الأمة هي الأمة الوسط في التصور والاعتقاد، وفي التفكير والشعور في التنظيم والتنسيق، في الارتباطات والعلاقات، وحتى في المكان في سُرة الأرض وأوسط بقاعها، ومنها إنها أعظم الأمم وأسبقها فضلا، فقال الله تعالى.

 

كما جاء في سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم؟ فيقولون ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقال لنوح من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته” قال فذلك قوله تعالي ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا” رواه احمد، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أيضا قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان، وأكثر من ذلك، فيدعى قومه، فيقال لهم هل بلغكم هذا؟ فيقولون لا، فيقال له هل بلغت قومك؟ فيقول نعم، فيقال له من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته، فيدعى بمحمد وأمته، فيقال لهم هل بلغ هذا قومه؟

 

فيقولون نعم، فيقال وما علمكم؟ فيقولون جاءنا نبينا صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله عز وجل ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا” رواه احمد، وقال تعالي عدلا ” لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” نعم إنها أمة عدول لذلك، فهي تعدل فتفصل بمشيئة ربها تبارك وتعالى بين الأنبياء وأممهم، وتشهد على من سبقها من الأمم تصديقا بما أخبرها به نبيها صلى الله عليه وسلم، ولقد جعل الله هذه الخاصية أيضا لهذه الأمة في الدنيا، فيشهدهم الله تعالى بصلاح الصالح فيهم وطلاح الطالح، ويجعل شهادتهم معتبرة، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة، في بني سلمة، وكنت إلى جانب رسول الله، فقال بعضهم والله يا رسول الله، لنعم المرء كان، لقد كان عفيفا مسلما…؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى