مقال

الدكروري يكتب عن الإمام جرير إبن عبد الله ” جزء 6″

الدكروري يكتب عن الإمام جرير إبن عبد الله ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع الإمام جرير إبن عبد الله، فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك، وقدم جرير بن عبد الله على عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين من عند سعد بن أبي وقاص فقال له كيف تركت سعدا في ولايته؟ فقال تركته أكرم الناس مقدرة، وأحسنهم معذرة، هو لهم كالأم البرة، يجمع لهم كما تجمع الذرة، مع أنه ميمون الأثر، مرزوق الظفر، أشد الناس عند البأس، وأحب قريش إلى الناس، فقال عمر فأخبرني عن حال الناس، قال هم كسهام الجعبة، منها القائم الرائش، ومنها العضل الطائش، وابن أبي وقاص ثقافها يغمز عضلها ويقيم ميلها، والله أعلم بالسرائر يا عمر، فقال عمر رضي الله عنه، أخبرني عن إسلامهم، قال يقيمون الصلاة لأوقاتها ويؤتون الطاعة لولاتها، فقال عمر “الحمد الله، إذا أقيمت الصلاة.

 

وأوتيت الزكاة، وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة” وقيل قد شهد الأشعث جنازة وفيها جرير بن عبد الله البجلي فقدم الأشعث جريرا وقال إن هذا لم يرتد عن الإسلام وإني ارتددت، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى صلاة الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال عزمت على من أحدث أن يتوضأ و يعيد صلاته فلم يقم أحد فقال جرير بن عبد الله البجلي يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا وأعدنا الصلاة فاستحسن ذلك عمر وقال له كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الإسلام فقاموا وأعادوا الوضوء والصلاة، وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر فكان يخدمني فقلت له لا تفعل فقال إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا.

 

آليت أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته، وكان جرير أكبر من أنس رضي الله عنهم أجمعين، وقد حدث عنه أنس وقيس بن أبي حازم وأبو وائل والشعبي وهمام بن الحارث وأولاده الأربعة المنذر وعبيد الله وإبراهيم، ولم يدركه وأيوب وشهر بن حوشب، وزياد بن علاقة وحفيده أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وأبو إسحاق السبيعي وجماعة غيرهم، وقد بايع جرير بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، وعن المغيرة بن شبل قال، قال جرير لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي وحللت عيبتي، ولبست حلتي ثم دخلت المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فرماني الناس بالحدق، فقلت لجليسي يا عبد الله، هل ذكر رسول الله من أمري شيئا ؟ قال نعم، ذكرك بأحسن الذكر، بينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته.

 

فقال إنه سيدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن، ألا وإن على وجهه مسحة ملك” قال فحمدت الله، وعن معبد بن خالد بن أنس بن مالك عن أبيه عن جده قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل جرير بن عبد الله فضن الناس بمجالسهم، فلم يوسع له أحد فرمى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة كانت معه حباه بها وقال دونكها يا أبا عمرو، فاجلس عليها، فتلقاها بصدره ونحره، وقال أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه” وروى إبراهيم النخعي عن همام أنه رأى جريرا بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فسألته فقال “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله” ثم قال إبراهيم فكان يعجبهم هذا لأن جريرا من آخر من أسلم، وعن قيس عن جرير قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له.

 

ألا تريحني من ذي الخلصة، وهو بيت خثعم، وكان يسمى “الكعبة اليمانية” قال فخربناه، أو حرقناه حتى تركناه كالجمل الأجرب وبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره، فبرك على خيل أحمس ورجالها خمس مرات، قال وقلت يا رسول الله إني رجل لا أثبت على الخيل، فوضع يده على وجهي وفي لفظ يحيى القطان فوضع يده في صدري وقال ” اللهم اجعله هاديا مهديا” وفيه فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وعن أبان بن عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص، عن علي بن أبي طالب، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “جرير منا أهل البيت ، ظهرا لبطن ” قالها ثلاثا، وعن أبي زرعة عن جرير قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيه وفود العرب ، فيبعث إلي، فألبس حلتي، ثم أجيء ، فيباهي بي” وروي عن جرير.

 

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنك امرؤ قد حسن الله خلقك، فحسن خلقك” وعن عيسى بن يزيد كان النبي صلى الله عليه وسلم “يعجب من عقل جرير وجماله” وعن جرير قال رآني عمر بن الخطاب متجردا، فناداني خذ رداءك، خذ رداءك، فأخذت ردائي ثم أقبلت إلى القوم، فقلت ما له ؟ قالوا لما رآك متجردا، قال “ما أرى أحدا من الناس صور صورة هذا، إلا ما ذكر من يوسف عليه السلام” وعن قيس، عن جرير قال أنه مشى في إزار بين يدي عمر، فقال خذ رداءك وقال للقوم “ما رأيت رجلا أحسن من هذا إلا ما بلغنا من صورة يوسف” فقال عمر يرحمك الله، نعم السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد كنت في الإسلام، وعن الشعبي قال كان جرير على ميمنة سعد بن أبي وقاص يوم القادسية، وقال ابن عساكر سكن جرير الكوفة، ثم سكن قرقيسياء.

 

وقدم رسولا من علي بن أبي طالب إلى معاوية، وعن أبان بن عبد الله البجلي قال حدثني إبراهيم بن جرير عن أبيه، قال بعث علي إلى ابن عباس والأشعث وأنا بقرقيسياء، فقالا أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول نعم ما رأيت من مفارقتك معاوية، وإني أنزلك بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أنزلكها، فقال جرير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى اليمن أقاتلهم حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا حرمت دماؤهم وأموالهم، فلا أقاتل من يقول لا إله إلا الله، وتوفى عبد الله بن جرير رضي الله عنه في سنة واحد وخمسين من الهجرة، ويقال سنة أربعة وخمسين من الهجرة، في بلدة يقال لها قرقيسيا على نهر الفرات قرب مدينة دير الزور شرق سوريا حيث بقي فيها حتى توفاه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى