مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع مفهوم الأم في الإسلام، وعن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال صلى الله عليه وسلم هل لك من أم قال نعم قال صلى الله عليه وسلم فالزمها فإن الجنة عند رجلها” رواه الألبانى، وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال أتت إمرأة النبى صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن أمى ماتت وعليها صوم خمسة عشر يوما، قال أرأيت لو أن أمك ماتت وعليها دين أكنت قاضيته؟ قالت نعم قال صلى الله عليه وسلم أقضى دين أمك ” رواه الألبانى، وإن العادات التى تتكرر بتكرر الأيام والأعوام وغير ذلك من المواسم، داخلة في معنى العيد، وهذا مما تتمايز به الأمم، ولذا جاءت الشريعة الإسلامية بالزجر عن الاحتفال بكل أعياد الجاهلية.

بغض النظر عن أصلها، فقال شيخ الإسلام السنة الجاهلية كل عادة كانوا عليها، فإن السنة هي العادة وهي الطريق التي تتكرر لتتسع لأنواع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة، فمن عمل بشيء من سننهم فقد اتبع سنة جاهلية، وبهذا يجب أن نعلم أن هذا الاحتفال لا يجوز، حتى ولو كان دون نية التقرب والتعبد، فإنه لا يلزم من عدم دخول الشيء في مسمى البدعة أن فعله جائز، فهناك علل أخرى للتحريم، كالعمل بسنة الجاهلية والتشبه بغير المسلمين، وكما إن العادات وإن كان الأصل فيها الإباحة إلا أن ذلك يزول إذا اقترنت بمحظور شرعي كالتسنن بسنن أهل الجاهلية والتشبه بهم فيها ومتابعتهم عليها، وقد نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فسأله النبى صلى الله عليه وسلم ” هل كان فيها عيد من أعياد الجاهلية؟ رواه أبو داود.

وفي هذا دلالة واضحة على لزوم تحرى مخالفة سنة الجاهلية، وخصوصا وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم “أبغض الناس إلى الله ثلاثة، ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه” رواه البخارى، وقال شيخ الإسلام فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية دخل في هذا الحديث، وقد كان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم حريصا على مخالفة عادات غير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم، حتى قال اليهود في عصر النبى صلى الله عليه وسلم “ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه” رواه مسلم، ولذلك نقول إن تقليد غير المسلمين في عادة الاحتفال بيوم الأم لا يوافق المقاصد الشرعية، وليس هناك ما يدعو إليه، فهو من التقليد الأعمى، ولذلك قال القرضاوى، عندما اخترع الغرب عيد الأم.

قلدناهم في ذلك تقليدا أعمى، ولم نفكر في الأسباب التي جعلت الغرب يبتكر عيد الأم، فالمفكرون الأوربيون وجدوا الأبناء ينسون أمهاتهم ولا يؤدون الرعاية الكاملة لهن فأرادوا أن يجعلوا يوما في السنة ليذكروا الأبناء بأمهاتهم، إن من المعروف بالفعل أن الاحتفال بهذا اليوم يختلف تاريخه وطريقته من دولة إلى أخرى ومن أمة إلى أمة، ونحن لا نتكلم عن الاحتفال في هذا التاريخ على وجه الخصوص، بل نتكلم عن أصل الفكرة وأصل الاحتفال بغض النظر عن ما يصطلح عليه الناس في اختيار يوم الاحتفال، وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن الاحتفال بيوم الأم على وجه الخصوص قد صار له في السنين المتأخرة ضجة إعلامية ضخمة، ومراسم احتفالية فخمة، حتى إن كثيرا من البلاد يكون عندهم في هذا اليوم عطلة رسمية، فهل بعد ذلك من شك في كون هذا اليوم قد صار عيدا؟

وأين هذا من قول النبى صلى الله عليه وسلم” يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام؟” رواه الترمذى، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم “إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا” رواه البخارى ومسلم، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال صلى الله عليه وسلم” ما هذان اليومان؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الله قد أبدلكم خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر” رواه أبو داود والنسائى وأحمد، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه يشرع للمسلمين أعياد غير هذه الأيام لفتح لأصحابه هذا الباب، فقيل إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة الأم، وأجمل مناداة هى يا أمى، فهى كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشرى من الرقة والحلاوة والعذوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى