مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام إبن حجر شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد الكناني العسقلاني ثم المصري الشافعي، والكناني هي نسبة إلى قبيلة كنانة العربية، وهو محدث وعالم مسلم، شافعي المذهب، لقب بعدة ألقاب منها شيخ الإسلام وأمير المؤمنين في الحديث، وكان أصله من مدينة عسقلان، وولد الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في شهر شعبان سنة سبعمائة وثلاثة وسبعون من الهجرة، في الفسطاط، وتوفي والده وهو صغير، فتربّى في حضانة أحد أوصياء أبيه، ودرس العلم، وتولى التدريس، والعسقلاني نسبة إلى عسقلان، وهي مدينة تقع بساحل الشام في فلسطين المحتلة، ومنها أصل أجداده، والشافعي نسبة إلى مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي في الفقه الإسلامي، وينسب إليه ابن حجر لأنه تفقه على هذا المذهب، ودرّسه وأفتى به.

وتولى القضاء للحكم بأحكامه، وكان الإمام إبن حجر يُلقب بشهاب الدين، ويكنى أبا الفضل، وقد كناه بهذه الكنية والده، تشبيها له بقاضي مكة أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي، وكناه شيخه العراقي، والعلاء بن المحلى أبا العباس، كما كني أيضا أبا جعفر، وأما عن شهرته فهو ابن حجر، وقد اختلفت المصادر في اعتبار ابن حجر، لقبا أو اسما حيث قال الإمام السخاوي اخُتلف هل هو اسم أو لقب؟ فقيل هو لقب لأحمد الأعلى في نسبه، وقيل بل هو اسم لوالد أحمد المشار إليه، وقد أشار ابن حجر إلى ذلك في جواب استدعاء منظوم بقوله، من أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الكناني المحتد، ولجد جد أبيه أحمد لقبوا، حجرا وقيل بل اسم والد أحمد، وذهب ابن العماد، وابن تغري بردي إلى أن ابن حجر نسبة إلى آل حجر قوم تسكن الجنوب الآخر على بلاد الجريد.

وأرضهم قابس في تونس اليوم، وقد أثبت هذه النسبة معظم المؤرخين الذين ترجموا له ولوالده، منهم شمس الدين السخاوي، وتقي الدين المقريزي، وبدر الدين الشوكاني، وابن تغري بردي، كما أثبتها ابن حجر نفسه في ترجمته لأبيه، وعم أبيه، وقد وصفه تلميذه ابن تغري بردي بقوله “وكان عفا الله عنه ذا شيبة نيرة ووقار وأبهة، ومهابة، هذا مع ما احتوى عليه من العقل والحكمة والسكون والسياسة والدربة بالأحكام ومداراة الناس، قل أن يخاطب الشخص بما يكره، بل كان يحسن لمن يسيء إلية ويتجاوز عمن قدر عليه، هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة والبر والصدقات وبالجملة فإنه أحد من أدركنا من الأفراد” وقال تلميذه برهان الدين البقاعي وهو ممن لازمه طويلا ” وهو أعجوبة في سرعة الفهم، وغاية في الحفظ، وآية في حسن التصور، له حدس يظن أنه الكشف.

وفكر كأن وقته خفي اللطف، وتأمل يرفع الأستار من غوامض الأسرار، وصبر متين، وجلد مبين، وقلب على نوب الأيام ثابت، وجنان من صروف الدهر غير طائش، ما رأيت أكظم منه للغيظ بحيث لا يظهر عليه الغضب إلا نادرا، ولا أجلد على ريب الزمان، يتلقاه بصدر واسع، ويظهر البشاشة حتى يظن من لاخبرة له أنه سر بذلك، يستعين على الشدائد بالصبر والصلاة” وقد خصص السخاوي بابا كاملا في ذكر صفات شيخه الخُلقية وهو الباب السابع من كتابه الجواهر والدرر، ويقول محمد إسحاق كندو” ومن الصفات التي امتاز بها الحافظ ابن حجر التواضع والبعد عن التباهي بما منحه الله من مواهب وطاقات عقلية وعلمية، وكان لا يتأنق في ملبسه، ولا في مأكله ومشربه، ولا في كلامه، وكان ورعا، شديد التحري فيما يأكل أويشرب، أو يلبس، فينتقي الحلال الطيب.

ويتجنب الحرام والمشبوه، كما كان في غاية السماحة، والسخاء، والبذل، مع قصده إخفاء ذلك، ولقد زان كل تلك الخلال الفريدة، والخصال المجيدة، ملازمته العبادة وحرصه على عدم تخلية وقته منها، فلقد كان صواما بالنهار قواما بالليل، مكثرا من الحج إلى بيت الله الحرام، مداوما على الذكر والتسبيح والاستغفار في جميع أحواله، معظما لجناب رسول الله صلي الله عليه وسلم محترما لسنته ومتبعا لهديه، مدافعا عن أحاديثه، منكرا للبدع، شديد الوطأة على المتجرئين على حدود الله تعالى، وقد ولد الحافظ ابن حجر العسقلاني في شهر شعبان سنة سبعمائة وثلاثة وسبعون من الهجرة، في مصر القديمة وهي الفسطاط في منزل كان يقع على شاطئ النيل، بالقرب من دار النحاس والجامع الجديد، واختلف المؤرخون في يوم مولده، فذهب السخاوي إلى أنه ولد في الثاني والعشرين من شعبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى