مقال

الدكروري يكتب عن التسابق في أعمال الخير ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التسابق في أعمال الخير ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثالث مع التسابق في أعمال الخير، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “كان رجل يداين الناس” أى يعطيهم المال يقرضهم، فإذا رأى معسرا قال تجاوزوا عنه، أى سامحوه في هذا الدين لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه” وفي رواية ” وقال الله عز وجل، نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه، وليس ذلك في الحقوق المادية وحدها بل من ظلمك أو كان لك عنده حق أدبي فسامحه رجاء أن يسامحك الله عز وجل ويتجاوز عنك، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” ويقول الله تعالى في محكم آياته فى سورة الحج ” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” ولفعل الخيرات فوائد متعددة وثمرات يجنيها العبد في دنياه وآخرته ومنها أن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح.

والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وأن فعل الخير الزاد الحقيقى الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، وأن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى، فيقول تعالى ” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره” والمعنى أن أي فعل مهما كان قليلا، حتى لو كان مثقال ذرة فإن الله يجزيه على عمله، ويرى نتيجة فعله، واعلموا أن الله تعالى لا يضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أنثى، فقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض” وأن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيمانى، فقال تعالى كما جاء فى سورة الحشر” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”

أى بمعنى يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة، ويطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة، ولا ينتظرون منهم أي مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخيرات من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحي الالهي ودخل علي زوجه السيدة خديجة رضى الله عنها ويقول زملونى، زملونى، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سببا في حفظ الله تعالى له، وأن فعل الخير فيه استسلام لأمر الله تعالى، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة القصص ” واحسن كما احسن الله إليك” وهو أمر قرآني أن يقابل الإنسان إنعام الله عليه بالمال، أو بالصحة، أو بالوقت، بالإحسان على الآخرين.

وتقديم الخير لهم، سواء بالمال، أو بالمشورة الصادقة، أو بالمواساة، وأن فعل الخير يعطي الخيرية لأصحابه، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة البينة” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية” وأن فعل الخير يسبب الراحة النفسية، فتقول الدراسات العلمية إن الإكثار من فعل الخيرات يؤثر إيجابيا على الحالة النفسية للإنسان بل وتقي من أمراض القلب، وإنه لا قيمة للحياة بدون فعل الخير، ولا نجاة للعبد في الآخرة بلا فعل الخير، ولا راحة نفسية ولا سعادة قلبية للعبد دون فعله الخير، ولا دخول للجنة دون فعل الخير، ولا فوز برضوان الله دون فعل الخير، ولا نور في القلب ولا في القبر ولا على الصراط دون فعل الخير، وفعل الخير في الحياة كالنهر الجاري، يتدفق بقوة وغزارة، ومن كل حدب وصوب فمن هنا العبادات والأذكار والقرآن والنوافل والقربات.

ومن هناك حسن الأخلاق وصلة الأرحام ومدّ يد العون للمحتاج، وعن يمينه الصدقات، وعن شماله أداء الأمانات، فحيثما ولى بوجهه ينال الخير، ويفعل الطيب، وبعضنا، فعل الخير في حياته كالخيط الرفيع لا يكاد يُرى ولا يقوى، ولا يكاد يسمن ولا يضحى، فهو ضعيف شحيح قليل، فلا يمكن أن تربط به ما يثبت، ولا أن تجر به ما يثقل، فلو نظر نظرة العاقل في سيرته اليومية لوجدها حزينة قاتمة، بالكاد يسطر له ملائكة اليمين باليوم سطرا أو سطرين من فعل الخيرات، في حين يسطر له ملائكة الشمال في اليوم ثلاثا وعشرين صفحة من فعل السيئات، وبعضنا كأهل الأعراف، لا يفعل الخيرات ولا يفعل السيئات، فخيراته قليلة، وأوقاته الضائعة في المباحات كثيرة، ولكنه خسر وفاتته حسنات ورحمات عديدة، وهكذا فإن فعل الخيرات هو مطلب رباني، هو دعوة إلهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى