مقال

الدكروري يكتب عن الإمام العجلي ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام العجلي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام العجلي، وهكذا سويد بن غفلة وعبد الله بن عكيم الجهني وقال فيه كوفي جاهلي، وهكذا سويد بن غفلة وعبد الله بن عكيم الجهني وقال فيه كوفي جاهلي أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وسمع من عمر، ومثل هذا هو عبيدة السلماني، كوفي تابعي ثقة جاهلي أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يري النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو رجاء العطاردي وهو بصرى تابعي ثقة وكان جاهليا، وقد تتبع بعض العلماء تراجم هؤلاء فوجدهم كلهم أسلموا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لم يتمكنوا من رؤيته إلا الأسود بن هلال المحاربي، فقد هاجر زمن عمر بن الخطاب، ولكن لم يعرف متى كان إسلامه، ويبدو والله أعلم أن مفهوم كلمة جاهلي عند العجلي يقارب مفهوم كلمة مخضرم عند الآخرين، ولكنه لا يدخل فيهم إلا من أسلم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وكما أن هناك عدد قليل جدا من الرواة الذين ورد ذكرهم في الكتاب دون أن يصفهم العجلي بأي كلمة من كلمات الجرح والتعديل، وغير واضح هل هذا السكوت بسبب ورود ذكرهم استطرادا بمناسبة أو أخرى أو أن العجلي لم يجزم برأي فيهم، ومنهم إبراهيم السعدي، وأشعث بن عبد الملك، وعمار بن معاوية الدهني، وغيرهم، وكما تتصف أقوال العجلي في الجرح والتعديل بالوضوح والإيجاز، ولا يوجد فيها تعارض أو تناقض، ولكن تعددت أقواله في بعض التراجم وهي تقارب خمس عشرة ترجمة، ويمكن الجمع بينها بكل سهولة بحيث يكون أحد القولين هو تفسيرا للآخر، وكما أنه بعد تحديد مرتبة الراوي من حيث العدالة والضبط، هناك أوصاف أخرى يتميز بها الإنسان، كأن يكون من كبار الأئمة ذوي المكانة والفضل والصبر والجهاد في سبيل الله، أو يكون من الفقهاء والقضاة أو ممن اهتموا بالتمييز والتحقيق في الحديث.

 

أو ممن اهتموا بالتفسير والقراءات، أو امتاز بالزهد والعبادة أو بالشعر والأدب، أو بالذكاء والفراسة أو غيرها من الأوصاف، فحينذاك يأتي الإمام العجلي بكلمات تدل على عظمته وفضله وأوصافه واهتماماته، فعلى سبيل المثال قال في ترجمة الإمام أحمد بأنه ثقة ثبت في الحديث، نزه النفس، فقيه في الحديث، متبع، يتبع الآثار، صاحب سنة وخبر، وقال في ترجمة إبراهيم بن الزبرقان التميمي، بأنه كان ثقة راوية تفسير القرآن، حسن الحديث وكان صاحب سنة، وصاحب تفسير، وغالبا ما يأتي العجلي بروايات وأخبار تدل على أوصاف ومميزات الرواة، وأخبار القضاة والحكماء والأمراء والزهاد وغيرهم، ولقد اهتم المحدثون أشد الاهتمام بموضوع البدع وآثارها على السنة النبوية على صاحبها الصلاة والتسليم، وأخذوا جانب الحذر والاحتياط في الرواية عن أصحاب البدع والأهواء.

 

ولقد كانوا ينظرون إلى هذه القضية من زاويتين مهمتين وهو أن كثيرا من أهل البدع لا يتورعون عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل نشر وترويج عقائدهم الباطلة، ولا سيما الرافضة منهم، ومثل هؤلاء لا تجوز الرواية عنهم ولا كرامة، فقد سئل الإمام مالك عن الرافضة فقال لا تكلمهم ولا تروي عنهم فإنهم يكذبون، وقال الإمام الشافعي تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، وكما أن هناك ناس من أهل البدع لم يجرب عليهم الكذب، ولكن في الرواية عنهم رفع لمكانتهم وشأنهم لاسيما من كان منهم داعيا إلى بدعته وهذا يؤدي إلى رواج بدعتهم، لأن عامة المسلمين إذا رأوا أصحاب الحديث وأئمة السنة يحضرون مجالسهم ويأخذون منهم، فيظنون أنهم على حق حتى في أفكارهم المنحرفة مع صدقهم وورعهم، وطالما وجد العلم الذي لديهم لدى أناس من أهل السنة.

 

فلا داعي للرواية عنهم، وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل يكتب عن القدري ؟ قال إذا لم يكن داعيا، ولذلك فقد اهتم أئمة الجرح والتعديل ببيان عقائد الرواة وأفكارهم عند ذكرهم، والإمام العجلي أيضا في كتابه هذا يهتم اهتماما واضحا بذكر عقائد الرجال ومذاهبهم، فهو بعد ذكر مراتبهم من حيث الثقة والضعف يذكر مذهبهم وعقيدتهم، ويوضح من كان منهم لين القول في بدعته أو كان غاليا أو كان داعيا إليها، ومع أن من لم ينسب إلى بدعة فهو من أهل السنة ولكنه مع ذلك يصف العلماء والأئمة الذين قاموا بالدفاع عن السنة بأنهم أصحاب سنة ويذكر هذا الوصف في تراجمهم باعتزاز، وإن من فرق أهل الأهواء التى يشير إليها العجلي هم الشيعة والنواصب، والقدرية، والمرجئة، والجهمية، والخوارج، ومع الإشارة إلى عقائدهم يطلق عليهم ما يستحقون من مراتب الجرح والتعديل، كثقة أو لا بأس به، أو ضعيف، أو غير ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى