مقال

الدكروري يكتب عن شهر الإنتصارات والفتوحات ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر الإنتصارات والفتوحات ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونحن نعيش في روحانيات شهر رمضان المبارك الذي ينتظره المسلمون من كل عام لينعموا بروحانياته وينهلوا من بركاته يجب علينا أن نعلم جيدا، أنه لم يكن شهر رمضان الفضيل شهرا للراحة وممارسة العبادات فقط، بل ظل على مر التاريخ شهرا لتحقيق الانتصارات الكبرى والفتوحات العظيمة، التي شكلت جزءا مهما من التاريخ الإسلامي على مر العصور، فكان شهر رمضان هو شهر الانتصارات الرائعة لأمة الإسلام، وهى الانتصارات التى ضربت أروع الأمثلة على صدق معدن المسلمين، وكيف أنهم قد انطلقوا خلال هذا الشهر المبارك إلى العالمية، ووثبوا بإسلامهم إلى قلب القارة الأوروبية، وحطموا كل الأساطير القديمة والحديثة عن أعداء الأمة، وحطموا معها الأوهام وكسروا حاجز الخوف، ويجب أن يعرف أن كل واحد منا يستطيع أن يجعل لنفسه من شهر رمضان شهرا للانتصارات.

 

فإذا كان جهاد أعداء الأمة قد حقق للمسلمين انتصارات رائعة في رمضان، فإن جهاد النفس وترويض الشهوات يحقق لكل واحد منا انتصارات رائعة فى رمضان، لا تقل روعة عن انتصارات السلف ذلك أن السلف لم يحققوا الانتصارات الرائعة فى ميادين القتال وساحات الوغى، إلا بعد أن حققوا الانتصار أولا على أنفسهم وهواهم وشهواتهم، كما قال الله عز وجل فى سورة العنكبوت ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين” فلنجعل هذا الشهر شهر انتصار على الأحقاد والحسد والكراهية وفساد ذات البين، لنجعله شهر انتصار على قطيعة الأرحام والعجز والكسل والغفلة، لنجعله شهر انتصار على الشيطان ووساوسه وكيده، لنجعله شهر انتصار على الذنوب والمعاصي وتسويف التوبة، شهرا للانتصار على خذلان المستضعفين وترك المظلومين، فعندها نصل إلى ما وصل إليه الأولون.

 

ونحقق مثل انتصاراتهم وأمجادهم، فعندما ضرب المسلمون أروع الأمثلة فى بيان صدق معدنهم وحقيقة إيمانهم عندما صمدوا وحققوا انتصارات رائعة هي بالمقاييس المادية شبه مستحيلة، يرفضها العقل، وتردها الحسابات الأرضية، فقد كشفوا عن صدق معدنهم في الثاني عشر من رمضان فى السنة الثالثة عشر من الهجرة عندما استطاع ثمانية آلاف مسلم بقيادة البطل المثنى بن حارثة، أن ينتصروا على مائة وخمسين ألفا من الفرس المتكبرين المغرورين فى معركة البويب فى غرب العراق، وقد كشفوا عن صدق معدنهم في الثالث والعشرين من رمضان سنة خمسمائة وثمانية وعشرين من الهجرة فى معركة إفراغة فى الأندلس، عندما انتصر أهل مدينة إفراغة فى جنوب شرق الأندلس على جحافل الصليبين بقيادة ألفونسو المحارب، الذى جمع الرهبان والقساوسة وأقسم على الإنجيل أن لا يغادر أسوار إفراغة حتى يفتحها ويذبح أهلها جميعا.

 

ولكن قسمه صادف إرادة حديدية، وعزيمة فولاذية، وإيمانا راسخا، تطيش معه الجبال، وانتصر أهل إفراغة، وقتل ألفونسو المحارب تحت أسوار إفراغة، وقد كشفوا عن صدق معدنهم أيضا في معركة يلختير في رمضان سنة الف ومائتان وأربعه وتسعين من الهجرة عندما انتصر العثمانيون بقيادة أحمد مختار باشا وكانوا أقل من خمسين ألف مقاتل، انتصروا على الروس القياصرة وكانوا أكثر من سبعمائة ألف مقاتل، في واحدة من أساطير المعارك الدولية بين الروس والعثمانيين، فى أواخر القرن التاسع عشر ميلادى، فكم لله عز وجل علينا من نعم ظاهرة وباطنة أسبغها علينا، وكم لله عز وجل من خير وفضل أفاض به علينا، واختص به أمة الإسلام دون غيرها من الأمم، ولم يعلم الناس ما عند الله عز وجل فى شهر رمضان من الرحمات والبركات والخيرات ما فرط المفرطون وقصر المقصرون وغفل عن ذكره الغافلون.

 

فالله عز وجل قد أودع شهر رمضان الكثير من الأسرار والكنوز، التى جعلت هذا الشهر المبارك شامة العام وتاج الشهور ودرة الزمان، فكما أن شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقة والإطعام والعبادات الكثيرة، فإن شهر رمضان أيضا هو شهر الانتصارات، وشهر العزة والكرامة، فالله عز وجل جعل شهر رمضان شهر ميلاد الأمة الإسلامية، حين أضاء وحيُ السماء ظلمات الأرض، وبدد نور الهداية ظلمات الشرك والجاهلية والخرافة، فكان رمضان عهدا جديدا استقبلت به البشرية خير رسل الله وآخر رسالات السماء، فكان رمضان نقطة تحول في مسيرة البشرية، بنزول القرآن الكريم كان انتصارا للنور على الظلام، والحق على الباطل، والتوحيد على الشرك، والطهارة والنقاء على الفحش والعهر، ولقد أظلنا شهر عظيم مبارك نزلت فيه آيات القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى