مقال

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول الكريم في بدر، وأخذ يلح على ربه في ضراعة وخشوع بالغ وذلة، حتى سقط رداء، فالتزمه الصديق رضي الله عنه وقال “حسبك يا رسول الله مناشدة لربك، أبشر فوالذى نفسى بيده، لينجزن الله لك ما وعدك” وأخذ المسلمون كذلك يستنصرون ربهم ويستغيثونه ويتضرعون إليه، وأخلصوا له وحده الدعاء والمسألة، متوسلين إليه بضراعهم وفقرهم، وذلتهم وإخباتهم، وإخلاصهم وخروجهم لنصر دينه لا يرجون غيره ولا يطلبون سوى مرضاته، ولا يخشون أحدا سواه، فاستجاب الله لهم وأوحى إلى ملائكته ” أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب” وأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ” أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم”

 

وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلت قريش فى كتائبها، واصطف الفريقان، وحاول حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة صرف قريش عن القتال، فأبى أبو جهل أشد الإباء، وأغرى عمرو بن الحضرمى أن يكشف عن استه، ويصرخ طالبا ثأر أخيه، فحميت قريش لذلك أشد الحمية، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف، ورتب المسلمين على منازلهم ووعظهم، وذكرهم بما أعد الله لهم من النصر والظفر العاجل، وثواب الله فى الآخرة إذا هم صبروا على لقاء عدوهم وصدقوه القتال، وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن قتل في سبيله، فقام عمير بن الحمام وقال “يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟ فقال نعم، فقال بخ بخ، فقال ما يحملك على قولك بخ بخ؟ فقال لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال فإنك من أهلها” فكان أول شهيد، فلما رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف.

 

قال لهم “لا تتقدموا حتى تسمعوا تكبيرى” وصعد فى العريش يدعو ربه ويسأله النصر حتى جاءه جبريل يقود جند الرحمن من الملائكة مددا من الله لرسوله وللمؤمنين على عدوهم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أبوبكر وسعد بن معاذ وكان معه فى العريش فكبر المسلمون لتكبيرهم، وجدوا بالتكبير، وأخذ المشركين رجفة عظيمة لهذا التكبير وألقى الله الرعب في قلوبهم والتقى الجمعان ونشب القتال، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ملء كفيه من الحصى ورمى وجوه القوم فلم تترك رجلا منهم إل ملأته عينيه، وشغل المشركون بالتراب في أعينهم، وشغل المسلمون بقتلهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ويدعوه ربه ويسأله فى سجوده النصر وإنجاز وعده، فلم تلبث المعركة إلى ساعة من نهار، ثم انفصلت عن سادات قريش وأئمة الكفر صرعى فى أماكنهم.

 

التى أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، وأسرى مقرنين في الحبال بيد المؤمنين كالأنعام، وولت فلول قريش الأدبار على شرح حال، ولم تقم للشرك بعد هذه الوقعة قائمة، وما زال يتناقص حتى تلاشى من مكة مرة واحدة يوم الفتح، وبعد فما أجدر المسلمين بالوقوف والتأمل طويلا عند كلمة سعد بن معاذ والمقداد رضي الله عنهما وما أولاهما أن يذكروا هذا اليوم، يوم الفرقان، لا كل عام من رمضان، بل كل يوم وكل ساعة، ولعل تلك الذكرى تبعث في نفوس الخلف من قوة إيمان السلف وشجاعتهم وبيعهم أنفسهم لله لا لأعدائه ما ينجيهم اليوم من عدوهم، ولقد كان وصف بعض ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وما لقياه في رحلتهما فرارا بقبس نور النبوة أن تطفئه أفواه المشركين حتى يكون ذلك درسا ينتفع به المجاهدون من أمته.

 

فى سبيل نصرة حقهم على باطل غيرهم، ولقد جاء هذا الوصف على لسان أبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هجرته، فعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبى في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال له أبى يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرُفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل، لم تأتى عليها الشمس بعد، فنزلنا عندها، فأتيت الصخرة وسويت بيدي مكانا ينام فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ظلها، ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض له ما حوله، فإذا أنا براعى مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذى أردنا، فقلت لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة، فقلت أفى غنمك لبن؟ قال نعم، قلت أفتحلب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى