مقال

الدكروري يكتب عن المداومة علي الطاعة ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن المداومة علي الطاعة ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع المداومة علي الطاعة، لأن المعاصي عدو الإيمان، وبريد الكفر، وسبب غضب الرب ومقته، فيقول تعالى ” أو يصيبهم عذاب أليم” أى في الدنيا بآفة سماوية، أو حد أو تعزير، وفى الآخرة بعذاب النار، وبئس القرار، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقارن بين الحسنة والسيئة “إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق” أما في الآخرة فإن هذه السيئة قد كتبت على صاحبها، وسيجد جزاءها وسوء عاقبتها يوم الجزاء والحساب، فيقول الله عز وجل ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرا محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا” ويقول عز وجل ” يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شئ شهيد”

 

ويوم يقول المجرمون وهم خائفون نادمون، كما قال تعالى فى كتابه العزيز ” يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا” ولقد وجدوا ما عملته أيديهم، واقترفته جوارحهم، ولا يظلم ربك أحدا، وهذا هو حال العاصي مع ذنوبه إلا إذا أسعفه الله تعالى بتوبة صادقة نصوح، وقد صدق القائل عندما قال إن أهنا عيشة قضَّيتها ذهبت لذتها، والإثم حلّ فالبر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وماذا يغني عن الإنسان تلذذه بالمعصية في هذه الدنيا، ثم يكون مآله إلى جهنم في الآخرة، فيقول الله تعالى عن الكفار وأشباههم من عصاة المسلمين ” أفرأيت إن متعناهم سنين” أى مدة حياتهم في هذه الدنيا، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون أى الموت وما بعده من حساب وعذاب، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وقال تعالى ” ذؤهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون”

 

سيعلمون مصيرهم الأسود، وسيندمون ولات ساعة مندم، وقال تعالى فى كتابه العزيز ” فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هى المأوى” وروى الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ فى النار صبغة” أى يغمس فيها غمسة واحدة، ثم يقال يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب، ما رأيت خيرا قط، ولا مر بي نعيم قط، بغمسة واحدة في العذاب نسي كل ما كان يتمتع به في هذه الدنيا من شهوات ولذائذ محرمة، فما حاله يا ترى إذا كان مخلدا في نار جهنم، التى يقال عنها ” لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها” ويقول تعالى ” كلما خبت زدناهم سعيرا” ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ويؤتى بأبأس أهل الدنيا من أهل الجنة يوم القيامة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟

 

هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يارب، ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط” وهذا بصبغة واحدة في النعيم نسي كل ما كان يعانيه في هذه الدنيا من بأس وشدة وبلاء، فانظر أيها المسلم من أي الفريقين أنت؟ واعلم أن الجزاء من جنس العمل، وأنه على قدر عملك في هذه الدار تكون منزلتك في دار القرار، فيقول تعالى ” ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون” ويقول تعالى ” من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ةما ربك بظلام للعبيد” فلقد انقضى شهر رمضان، وتصرمت أيامه، وتم صيامه وقيامه، وطويت صحائفه بما قدمنا فيها من خير أو شر، فيا ليت شعري من الفائز منا فنهنيه؟ ومن المحروم منا فنعزيه؟ فكم هو محروم من حرم خير رمضان؟ وكم هو خاسر من فاته المغفرة والرضوان؟ فغدا توفي النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم.

 

وإن أساؤا، فبئس ما صنعوا وقد كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء هم الذين مدحهم الله بقوله تعالى ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله “والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة” هو الذى يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال صلى الله عليه وسلم “لا، يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصلون، ويصومون، ويتصدقون، وهم يخافون ألا يقبل منهم” رواه أحمد والترمذى، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه “كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل،ألم تسمعوا الله عز وجل يقول ” إنما يتقبل الله من المتقين” وقال فضالة بن عبيد لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل، أحب إلي من الدنيا وما فيها, لأن الله يقول ” إنما يتقبل الله من المتقين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى